نغمات الأوبئة
غزت "إنفلونزا" متعددة الأشكال والمسميات الجنس البشري منذ وجوده أو وجود "العنزة" التي نسب لها لاحقا هذا الداء، لأن أنف العنزة كثير السيلان، ولعلكم تذكرون قبل أعوام أن أشهر أنواع هذا المرض ارتبط بالطعام، حيث أصابت الدجاج الذي يأكله كل العالم، والخنازير التي يأكلها بعضهم، ومن قبلها أصاب البقر جنون ما في مكان ما من مخها، والقائمة طويلة تذكرتها لأن المتحور الجديد للمدعو "كوفيد" يصيب الأمعاء ببعض المشكلات.
يبدو من كثرة التقارير التي رأينا أن الإنسان هو دائما من يتحرش بالفيروسات، ويتلاعب بها، وأحيانا هو من ينقلها، ولا نعرف إن كانت أهداف التلاعب عسكرية وسياسية أو ربما اقتصادية، فلا ننسى أن أوبئة كهذه ترفع أسهم شركات الأبحاث ومصانع الأدوية، والأهم أنها ترفع أسعار السلعة البديلة أو الخيارات الأخرى في الحياة، وجميعنا يتذكر أيام جنون البقر، وحمى الوادي المتصدع التي أصابت الأغنام، كيف قفزت أسعار الأسماك والدواجن.
من يدري فربما يكون كل ما يحدث هو لعبة تبادل مواقع تجارية بين عمالقة إنتاج أو دول، وأن كل إنفلونزا أو جنون، وأخيرا كل "متحور" أو غيرها هي الرد على ضربة وجهها طرف لآخر، ونظرية المؤامرة تظل جزءا من توقعات كثيرين حول العالم، فحتى لو رأوا الفيروس رأي العين وهو الذي لا يرى بالعين المجردة فسيعدون أن أمرا ما يحاك ضدهم، وأن ما يقال لهم ليس إلا تورية إعلامية، وشخصيا لا ألومهم.
أيضا ربما يكون العبث الإنساني بمكونات الغذاء، وبمصادره من الحيوان والنبات يفضي إلى مزيد من الفوضى الجينية، التي ستؤدي بدورها إلى وباء أو خبث جديد يسود العالم كل مرة دون أن يخبرونا فنستفيد على الأقل بتوجيه مضاربي السوق لدينا إلى أسهم شركات الأدوية أو الغذاء العالمية تبعا للحالة، أو تبعا لنوع ونغمة العطسة التي ربما ستتغير عن النغمة الشهيرة "أتشووو".
مع كل وباء – إذا كان فعلا كذلك – هناك نغمات كثيرة تعزف، وأخيرا بدأ الناس يملون من عزف منظمة الصحة العالمية الذي يبدو مزعجا ولا يبدو نقيا من "النشاز"، والحمد لله أننا في المملكة صرنا لا نستمع إلا للجهات الصحية المختصة لدينا، أولا لأنها أكثر صدقا معنا، وثانيا لأنها أثبتت تفوقا على مستوى العالم في إدارة الأزمات الصحية السابقة.
المتحور الجديد -وقى الله الجميع منه- أثبت أن بعض المنظمات العالمية ليس لها من اسمها نصيب، وسيقل تأثيرها ويتلاشى مع الزمن، ولن تجد لنغماتها مستمعين جددا.