الغبن بثياب شرعية

لست من المعجبين ولا المؤيدين لما يدعى بـ"الصيرفة الإسلامية".. حـين تناقش أحـدهم عن أوجـه الظلم والغـبن السائدة فيها يحدثك عن جواز المضاربة، والإجارة، والمرابحة، والتورق، والمشاركة، والاستصناع، والبيوع الآجلة، وبيوع السلم... إلخ.
غيـر أن موقفي منها لا يتعلق بشرعية أو عدم شرعية هذه المعاملات، بـل بـاستغلالها للالتفاف على المحـرمات ونيل مكاسب أكثر غـبنا وظلما من البنوك التقليدية.. الحقيقة التي لا ينكرها أحد هي أن المصارف "الإسلامية" ليست أقل فائدة ولا أكثر إنصافا من بنوك عالمية لا تـتجاوز فوائدها نصف ما تأخذه المصارف الإسلامية.
السؤال الذي يهمك كعميل هـو:
هـل تقـبل دفع فوائد أعلى لمجرد أنها "محـللة" من قبل اللجنة الشرعية في البنك؟
حكمنا على الصيرفة الإسلامية يجب أن يكون مجردا يحـتكم للأرقام والفوائد وتكلفة المنتج، وليس للفـتاوى والمثاليات والندوات والالتفاف على المحرمات.
وحين نحتكم إلى الأرقام والفوائد وتكاليف القروض، نكتشف أنـه:
* من الغـبن أن يدفع العـميل فائدة 20 في المائة على أي قرض شرعي مقابل 2 في المائة مثلا لدى البنوك الأجنبية.
* ومن الغبن منحه منتجات غير ربوية، ثم إغراقه بأقساط وخدمات ورسوم تراكمية تفوقها بأشواط.
* ومن الغبن، وغير الجائز، مـنح العـميل (في المصارف الإسلامية) وعـدا بـالهـبة على سـلعة دفع قيمتها كاملة.
* ومن الغـبن (بل من المحرم) بيع البنك سلعة لا يملكها لتمرير القرض (إلا إن كان البنك يتاجر فعـلا بالحبوب والأخشاب وزيت النخيل الماليزي).
* ومن الـغـبن عـدم منح المودعين أرباحا على أموالهم التي يتاجر بها البنك (بحجة التحريم) ثم أخـذ فوائد فاحشة من المـقترضين بحجـة أنها محللة من اللجنة الشرعية في البنك.
* ثـم؛ لماذا نجيز للمصارف الإسلامية التعامل مع المصارف العالمية (بحجة الاضطرار) ونلوم المواطن البسيط على التعامل معها تحت الحجة نفسها (وهو المضطر فعـلا).
مرة أخرى
القضية لا تتعلق بشرعية أو عدم شرعية منتجات المصارف الإسلامية، بـل في الغـبن الذي تمارسه على المتعاملين معها.. الأعوام والعـقود الماضية أثبتت فشلها في ابتكار منتجات جديدة أكثر عـدلا وتيسيرا، وكان دورها الوحيد هو شرعنة وتغـيير مسميات خدمات معروفة أصلا في البنوك العالمية. البنـك الذي يتخذ من الدين غطاء (دون ابتكار بديـل شرعي حقيقي) يجب أن يغلق أبوابه كي لا يسـيء للديـن واقتصاد الفرد والمجتمع.
أمـا العـميل الذي (يضطر) لأخـذ قرض ربوي، فعـسى أن يغـفـر لـه ربـه لكون الضرورات تبيح المحظورات.. وهـي القاعدة الأصولية ذاتها التي تعتمدها بنوكنا الإسلامية في تعاملها الربوي مع البنوك العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي