فرض العقوبات على الصين ليس الحل الأفضل «2 من 2»
فشلت محاولات الصين لممارسة "الإكراه الاقتصادي" "المصطلح الذي تستخدمه الدول الغربية لوصف العقوبات التي تفرضها الدول الأخرى" على سبيل المثال، مارسته ضد أستراليا الأصغر حجما بشكل متكرر.
بالتالي، فإن الحجة القائلة إن أوروبا ينبغي أن تتخلى عن التزامها "الساذج" المفترض بالتجارة الحرة لأن دولا أخرى تستخدم التجارة سلاحا تعد أقل إقناعا مما بدت عليه في البداية. من خلال إنشاء احتياطي استراتيجي، يمكن للدول الأوروبية تخفيف سيطرة الصين على المواد الخام الحرجة بتكلفة منخفضة نسبيا، التي تخشاها بشكل متزايد.
علاوة على ذلك، يمكن للأسواق العالمية توفير بدائل لأغلب المنتجات الصناعية صينية الصنع. ومن المهم أن نتذكر أن من غير المرجح أن يدعم كبار المنتجين الصناعيين الصين إذا اختارت فرض عقوبات على الاتحاد الأوروبي أو الغرب ككل. يطبق هذا الأمر خاصة على أشباه الموصلات، التي تعتمد أوروبا في المقام الأول على مصادر غير صينية للحصول عليها. ولهذا السبب، تعد استراتيجية المفوضية الأوروبية المتمثلة في الحد من الواردات الصينية من خلال تدابير مختلفة، بما في ذلك تحقيقات مكافحة الدعم، غير منطقية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنتجات التي تشكل ضرورة أساسية لعملية الانتقال الأخضر، مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح.
على نحو مماثل، أصبحت المشاركة في مناقشة عقلانية حول العلاقات التجارية مع الصين في الولايات المتحدة أمرا شبه مستحيل. وتهدف إدارة الرئيس جو بايدن رسميا إلى الحفاظ على أغلب الروابط التجارية مع فرض لوائح صارمة على عدد قليل من القطاعات، وهي استراتيجية شبهها مستشار الأمن القومي جيك سوليفان "بفناء صغير وسياج مرتفع". ولكن في واقع الأمر، كان العداء العام تجاه المنتجات صينية الصنع سببا في توسيع "الفناء الصغير". في بداية الأمر، استهدفت سياسة الولايات المتحدة أشباه الموصلات المتقدمة ومعدات صنع الرقائق الإلكترونية، التي في الأغلب يتم إنتاجها في أوروبا. ولكن الآن، تشمل المناطق الواقعة خلف الأسوار العالية والبطاريات وسلسلة توريد السيارات الكهربائية بأكملها.
رغم أن تهديدات الصين بممارسة الإكراه الاقتصادي تميل إلى المبالغة وعادة ما يمكن التحكم فيها، إلا أن أوروبا والولايات المتحدة ودولا غربية أخرى لا تزال تقيم حواجز تجارية مكلفة في محاولة للتخفيف من هذه الأخطار المتوقعة. حتى أولئك الذين يعترفون بالفاعلية المحدودة للإكراه الاقتصادي الصيني كثيرا ما يجادلون بأن أوروبا يجب أن تحد من التجارة مع الصين استعدادا للعقوبات الشاملة التي قد تفرض عليها إذا ما غزت تايوان. مع ذلك، تخاطر الدول الغربية بتكبد تكاليف سيناريو من غير المرجح أن يتحقق. ويتعين على صناع السياسات بناء قراراتهم على الخبرة والمنطق الاقتصادي السليم بدلا من الاعتماد على التوقعات. إن الفوائد الناتجة على الحفاظ على العلاقات التجارية مع الصين تفوق بكثير المزايا النظرية المترتبة على زيادة المرونة الجيواستراتيجية.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.