Author

ترويض العملة المشفرة وإطلاق عنان البلوكتشين «3 من 3»

|

مدير عام صندوق النقد الدولي

يحدونا الأمل في تخفيض التكاليف وتعجيل سرعة المعاملات اليومية في الأصول التي تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية، ليشمل أولئك القانعين حاليا بحسابات ودائعهم المدرة عائدات منخفضة.
اليوم، تنشئ البنوك أصلا في صيغة ورقية، وتودعه لدى أمين حفظ، وتراسل جهات الوساطة حتى تسوي كل منها حساباتها لتكون انعكاسا لمن يملك هذا. وهذه مسألة ممكنة، لكنها باهظة التكلفة. وبدلا من ذلك، فلنتخيل إنشاء أصل كقيد، أو "توكن"، في تقنية "بلوكتشين"، وتداوله بتحديث سلسلة الكتل "البلوكتشين".
المكاسب المحتملة يمكن أن تكون كبيرة، والبلوكتشين متاحة لجميع أطراف المعاملة، فهي شفافة ومحمية من العبث، وتسويتها سريعة. ويمكن كذلك تقسيم الأصول المالية في صيغة "توكن" إلى أجزاء تعود بالنفع على المستثمرين الأصغر. ويمكن أتمتة المعاملات وتجميعها لتعمل في آن واحد. هذا يحد من مخاطر إخفاق الأطراف المقابلة أو عمليات التداول قبل وصول الأصل إلى مالكه الشرعي. لقد رأيت ذلك رأي العين الشهر الماضي، في عمليات مصرفية تجريبية في ظل مبادرة Project Guardian التي تجريها السلطة النقدية في سنغافورة. وأقول على سبيل التوضيح: إننا لا يزال يتعين علينا التغلب على كثير من العقبات للانتقال من العمليات التجريبية إلى الإنتاج، كوضع أطر قانونية كافية.
حول الحديث عن البنية التحتية العامة، ففي حين أنه ليس بوسعنا التنبؤ باعتمادها، فلا بد أن نكون مستعدين. والتخطيط للبنية التحتية الصحيحة مطلب رئيس. وهنا يأتي دور القطاع العام، لكي يضمن أن تلبي هذه البنية التحتية أهداف السياسات العامة.
تقنيات "بلوكتشين" التي وصفتها للتو يتعين أن تكون منخفضة التكلفة ومستقرة وموثوقة، ويجب أن تضمن إمكانية التشغيل البيني للأصول وعقود تداولها. وستقتضي توفير أموال آمنة تقوم هي أيضا على "سلسلة الكتل" -العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية- للدفع مقابل الأصول. وستولي أهمية كبرى للامتثال للمعايير الدولية، مثل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك الاتساق مع أولويات السياسات في الدول المختلفة، مثل إدارة التدفقات الرأسمالية.
ليس الأمر محض صدفة، إنما يبدو شبيها بالمنصات التي وصفتها في مهرجان سنغافورة للتكنولوجيا المالية، مثل ساحات البلدات العامة الافتراضية تلك التي تسهل المعاملات. وهناك، ركزت على مدى تفضيل المنصات لقابلية العملات للتشغيل البيني، أما اليوم فنحن نناقش قابلية الأصول للتشغيل البيني. وفي نهاية المطاف، ما النقود إلا عقد مالي -أي إنها هي سند مديونية- تماما كأي أصل آخر. وسواء كنا نرغب في ضبط المدفوعات العابرة للحدود، أو ضمان كفاءة المعاملات في الأصول واستقرارها، فسينتهي بنا الأمر عند النقطة نفسها.
قد تكون القواعد والبنى التحتية هي الأحرف الساكنة والأحرف المتحركة في النظام النقدي الدولي مستقبلا. ويتعين أن تكون منطقية وبعيدة النظر، تماما مثل الهانغول! وكما قال يوما يولجوك الفيلسوف الكوري العظيم والموظف العام: "إذا عملت بكل ما أوتيت من قوة، فسيمكنك أن تحقق الكفاءة، ثم تصل إلى النتائج". هلم بنا إلى ذلك.

إنشرها