معارك التقييم

سوء استخدام الحق المكتسب والمتاح لإبداء الرأي بالمنتجات التجارية عبر التطبيقات التقنية، وعلى رأسها "جوجل ماب"، لا يعني تعمد الإساءة وترويج الافتراءات وتضخيم الخلل، لأغراض ليست ذات علاقة بالأهداف التي من أجلها تم منح الحق، ذلك أن تأثير ما سمي تقييما سلبا أو إيجابا أمر يستوجب التريث والتعقل بما يؤدي إلى طرح وجهة نظر مقنعة، تؤدي هي الأخرى إلى إيضاح الصورة بتجرد، ولهذا لا ينبغي المغالاة مدحا أو قدحا، خاصة أن هناك من يهدد في عز الغضب باستخدام هذا الحق للإضرار بالآخرين، خصوصا أن عبارة "العميل دائما على حق" تشهد حالة استغلال من قبل نوعية مختلفة لا تقبل بأقل من هدم المتجر على رأس مالكه في لحظة غيظ عابرة، وبمجرد سوء فهم لحالة مؤقتة، وسوء الفهم مصحوب أيضا بسوء إدراك للعبارة آنفة الذكر، والمصممة بدافع تحفيز أداء المسوقين والباعة بما يؤدي إلى تحسين رضا المستهلك.
لا يمكن قبول تعليق انفعالي هجومي على مواقع إلكترونية فتحت أبوابها لاستقبال الملاحظات، ومنحت المستهلك حق التصنيف الواقعي، خاصة "جوجل ماب" الذي أتاح للمنصفين العقلاء حق إبداء الرأي الموضوعي المعبر عن واقع معياري، رغم عدم تحقيق اشتراطات القبول المنطقي لمثل تلك التقييمات في ظل إمكانية التزوير والكيدية، فيما يضعه البعض على قوائم دوافع اتخاذ القرار، بل يعده البعض تقييما نافذا ومعتبرا لمطعم أو متجر أو مقهى سلبا كان أو إيجابا، والحقيقة في كثير من الأحيان ليست كذلك، خاصة أننا خدعنا بتعليقات مفرطة بالمغالاة والشاعرية، ووجدنا الأمر مختلفا بالكلية عن الوصف والإسراف بالتبجيل في الداخل والخارج على حد سواء، مضاف إلى هذا التعقيبات المرتبطة بانتهاز الفرص في إطار المنافسات التجارية المشتعلة وغير الشريفة، لجذب العدد الأكبر من المستهلكين بغض النظر عن الوسيلة، ولن تختفي مساوئ الاعتماد على تقييمات وهمية ذات دوافع انتقامية على النحو الملموس، خاصة أن الأثر مدمر في كثير من الأحيان.
لعلنا نتفق على أن حجم خسائر كثير من مراكز الخدمات مرتبط ارتباطا وثيقا بالتعليقات الانفعالية والملاحظات القائمة على أهداف تنافسية صرفة، خاصة أن مجرد الاختلاف مع بعض الزبائن قد يفضي لاستخدام الحق المكفول بما يؤدي إلى أذية الأبرياء والتشنيع بمنتج أو خدمة لصناعة هالة من الشك تسفر عن عزوف غير مبرر في كثير من الأحيان.
لا ينبغي ربط قرار الإقدام الاستهلاكي كليا على التعليقات أو ما يسمى تجاوزا بالتقييمات، ولا يمنع أن تكون جزءا من معايير اتخاذ القرار، فالتجربة الشخصية قياس صادق طبيعي موثوق ومقنع مضاف إلى ذلك استعراض سيرة المنتج وهيئة الخدمة بالتفصيل، فكم أدت تلك التعليقات العشوائية المغرضة إلى حرمان البعض من خدمة مميزة، وكم عززت من حالات الغش والتدليس بفعل فيضان التعليقات الشاعرية التسويقية المجانبه للحقيقة والعكس صحيح، فالمنصفون لا يمنحون تلك التعليقات أكثر من 15 في المائة من المعيار المحرك للقرار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي