Author

الشيفة .. غول البراري

|

أحيانا تصنع الأساطير ما لا تصنعه كتب التربية وما كتاب ألف ليلة وليلة عنا ببعيد، حيث يعد من روائع ما أنتجه الإنسان باستخدام الأساطير، وفي كل الثقافات توجد هذه النظرية مطبقة، ولكن كيف يتم استخدام الجن والعفاريت في التربية؟ تستخدم الأمهات مبدأ التخويف بالجن مثل حمار القايلة، لتمنع الأطفال من الخروج ظهرا، وأم الليف لمن يمتنع عن النوم ليلا، وألا نقترب من البئر "الركية" حتى لا يلتقطنا "عبدالسلة"، والسلة جمع سلال وهي دروب خروج الماء أسفل البئر. هذه الثقافة ليست حصرا على أهالينا بل عرفت الثقافة العربية وغير العربية جملة من هذه الأساطير ولا يمكن حصرها لكثرتها، ولكن على سبيل المثال الخبابة عند أهل الضيع والمزارع، والدعيدع عند الفلاحين، والطنطل للسارين في الليل، والجاثوم للنائم، والغول والعفريت من مصباح علاء الدين، وأبومغوي لأهل البحر، ولأهل البر السعلوة، وهي فلسفة مقبلة من بلاد فارس والهند.
وعن السعلوة دارت حكايا كثيرة وانتشرت في منصات التواصل تدعي رؤية "أبوفانوس" والسعلوة أو ما تعرف بالشيفة، وهي إضاءة حقيقية ولكن من مصدر حشري وليس من الجن.
مصدر الضوء "وليس النار" من طائر البراق "اليراعة". قال عنه الجاحظ "واليراعة طائر صغير، إن طار بالنهار كان كبعض الطير، وإن طار بالليل كان كأنه شهاب قذف أو مصباح يطير"، وفي الصحاح في اللغة: اليراع: جمع يراعة وهو ذباب يطير بالليل كأنه نار.
اليراعات هي حشرات ليلية معروفة بتألقها البيولوجي، الذي ينتج ضوءا نتيجة تفاعل كيميائي داخل أجسامها، وعادة ما يكون الضوء المنبعث من اليراعات أخضر أو أصفر أو في بعض الأحيان أزرق.
ويمكن أن يكون ساحرا للغاية في الظلام، وفسر العلماء هذه العملية بأن إنزيم لوسيفيراز اللاعب الرئيس في تفاعل الإضاءة الحيوية وعندما يخضع هذا الإنزيم للأكسدة، فإنه يطلق الضوء وتستطيع اليراعات تنظيم كمية الضوء المنتجة عن طريق التحكم في إمداد الخلايا الضوئية بالأكسجين. عندما يكون الأكسجين محدودا، كما هي الحال أثناء الطيران، يقل انبعاث الضوء.
حسنا لا مزايدة، إنها امتداد للثقافة المحلية التي تستخدم الأساطير والغرائب للأمر والنهي أو للتحذير والتخويف للأطفال الذين يميلون لتصديق ذلك، لكن الأدهى عندما يؤمن الكبار بهذه الأساطير ويرونها كأنها رأي العين.

إنشرها