default Author

ترانيم الكون

|

كل ما في هذا الكون يملك لغته الخاصة وطريقة تواصل مع من حوله، وكذلك تسبيحة يقول الحق سبحانه وتعالى "تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ۚ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولٰكن لا تفقهون تسبيحهم ۗ إنه كان حليما غفورا"، فالكون يعج بالأصوات بعضها تستطيع سماعه والأخر تعجز قدراتنا البشرية عن إدراكه، وقد تسمعه بقية الكائنات أو البشر الذين منحهم الله المعجزات مثل نبينا داوود عليه السلام، إنه ضجيج الجسيمات المشحونة التي لا يمكن سماعها إلا باستخدام أدوات خاصة، مثل ما حدث في مهمة علماء "ناسا" تحقيقات "فان ألين".
تساعد الأصوات التي سجلتها البعثة العلماء على فهم البيئة الفضائية الديناميكية التي نعيش فيها.
لكل شيء لغة وصوت، للسماء لغتها وأصواتها، التي قد يفسرها العلماء ماديا، لكن قد تكون لها دلالات أكبر من ذلك لننطلق في رحلة إلى الفضاء الخارجي ونستمع لترانيم السماء في كل مرحلة من مراحل طريقنا إلى الكون الفسيح، خارج كرتنا الأرضية.
قبل أن نخرج من الغلاف الجوي للأرض أول صوت قد نسمعه صوت يشبه الصفير، ويعتقد العلماء أنه ناشئ عن انتقال النبضات الكهرومغناطيسية الناتجة عن الصواعق أو الشهب أو الزلازل إلى الغلاف الجوي الخارجي للأرض متبعة خطوط المجال المغناطيسي. بعدها سيتناهى لسمعك صوت يشبه صوت سرب الطيور حين تحلق في الصباح الباكر وأنت تشاهد الشفق القطبي، ويرجع العلماء سبب هذا الصوت إلى إلكترونات مرتفعة الطاقة في الغلاف المغناطيسي للأرض التي تنشط بفعل العواصف الشمسية القادمة من الشمس والمسببة للشفق القطبي.
لا تظن أنك عندما تخرج رأسك من نافذة المركبة الفضائية ستستطيع سماع تلك الترانيم كما تسمع الأصوات في الأرض، إن الأمر مختلف فالأصوات على الأرض ناتجة عن انضغاط وانبساط الهواء، أما أصوات الفضاء وموسيقى الكون فتنشأ عن موجات كهرومغناطيسية تعرف باسم البلازما التي يحولها العلماء إلى موجات صوتية يمكن سماعها.
مع اتجاهك إلى عمق الكون ستلوح النجوم لك من بعيد وستتمكن من سماع نجوم مجرتنا النابضة، رغم أن هذه الأصوات لا تتجاوز مدتها ثوان عدة إلا أنها صوتها حاد ومتواصل. وعندما نغادر مجرتنا ونذهب إلى أعماق الكون ستسمع أصوات غريبة ناتجة عن اصطدام النجوم النيترونية واندماج الثقوب السوداء الناتج عن موجات الجاذبية.
هذه الأصوات التي يظن البعض أنها مرعبة وليس لها فائدة، تساعدنا على فهم أفضل للبيئة الفضائية الديناميكية التي قد تشكل خطرا على الأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية.

إنشرها