الشركات العائلية .. تحديات التمويل وضرورة الاحتراف «1 من 2»
تواجه ملاك الشركات العائلية تحديات تتعلق بصعوبة الحصول على تمويل من المصارف التجارية وذلك عقب ارتفاع سعر الفائدة عالميا، كما هي الحالة اليوم، ومعظم طلبات التمويل هي لمواجهة التكاليف التي تتحملها مشاريعهم، ولا سيما تلك الأعمال التي انطلقت في زمن الأموال المجانية، أي سعر الفائدة المنخفضة.
بناء قواعد العمل والاستدامة للشركات ينطلق من المعرفة بالدورات الاقتصادية والإدارة المالية الخاضعة لحوكمة الشركاء من خلال مجلس إدارة، بمعنى آخر اتباع قواعد السوق تساعد الأعمال على النجاح ومواجهة التحديات. تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة مغلقة أو عامة أصبحت هذه المهمة أكثر إلحاحا مع التغيرات السريعة، وكذلك الظروف الاقتصادية العالمية، حيث تؤدي الإصلاحات الاقتصادية -على سبيل المثال- إلى زيادة معدلات الشفافية والمنافسة وتغير حصص السوق بناء على كفاءة الشركات، كما أن الحوكمة للمشاريع التي تطرحها الحكومة تطورت بدرجة كبيرة جعلت الأسواق أكثر تنافسية وشفافية على جميع المستويات.
حتى لو نجح مؤسسو الشركة العائلية في تخطي بعض الدورات الاقتصادية إلا أن هناك مخاطر أخرى مثل وفاة المؤسس وتفتيت الشركة بين الورثة والتي تؤدى في نهاية المطاف إلى الخروج من الاقتصاد.
ما تحتاج إليه الشركات العائلية اليوم توجيهها للعمل من خلال فرق الإدارة المحترفين والرؤساء التنفيذيين، أي من خارج دائرة الأسرة، ولغايات فصل الإدارة عن الملكية، كما يمثل تشكيل مجلس إدارة عبر تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة أو شركات مغلقة -على سبيل المثال- ببيع 30 في المائة من حصة الشركة العائلية لملاك جدد، سيضمن بقاء الشركة حتى بعد وفاة المؤسس، وهو مؤشر على جدارتها أمام الممولين.
التأثيرات الواسعة من الدورات الاقتصادية أصبحت سريعة وقصيرة وتتطلب مسؤولية تنفيذية رفيعة المستوى وسرعة في الاستجابة، يعني أن شركة العائلة التي يقودها الفرد الواحد يصعب عليها الاستجابة لدورة الأعمال الكاملة، كما أن البنوك تشدد على تمويل الشركات التي تنطوي على قرار الفرد الواحد والتي لا يوجد لديها مجلس ملاك متنوعين.
إن تطور اقتصادنا الوطني يتطلب الاحترافية وبشكل أساس في الإدارة التنفيذية والإدارة المالية، وأصبح من الواضح بشكل متزايد أن أسس العمل التجاري المتكامل مفتاح النجاح في اقتصادنا، وندرك أن دور الرؤساء التنفيذيين المحترفين لا يمكن أن يقتصر على الأمور الشكلية من حيث التفاخر بين ملاك الشركات بوجود رئيس تنفيذي في الشركات العائلية، وإنما السر يكمن في قدرتهم على قيادة النشاط التجاري وتطوير وإدارة عمليات الشركة، وتكوين فرق العمل التي تضمن تحقيق أفضل النتائج، وتحديد اتجاه واضح ومواءمة المنظمة وإدارة أصحاب المصلحة والعمل مع مجلس الإدارة.
أخيرا، تتناقص مع الزمن ومع تطور اقتصادنا الوطني، الصورة النمطية للشركات العائلية، وأصبحت مجالس الإدارات الحقيقية تتعامل مع القرارات من خلال رئيس تنفيذي مفوض مقابل تحقيقه نتائج، ولهذا الشركات العائلية السعودية الأكثر نجاحا يديرها رؤساء تنفيذيون مستقلون وضمن مجلس إدارة... يتبع.