التباطؤ الاقتصادي .. مصدر قلق للأثرياء

التباطؤ الاقتصادي .. مصدر قلق للأثرياء

إذا كنت قد منحت نفسك متعة اقتناء بضعة منتجات فاخرة في الأعوام الأخيرة، فقد أحسنت صنعا.
فلن تكون هداياك لنفسك قد جعلتك سعيدا على الأرجح فقط، بل سيكون لديك ربح جيد. ارتفعت سلة المنتجات الفاخرة، التي جمعتها وكالة العقارات نايت فرانك، 116 في المائة على مدى عشرة أعوام حتى منتصف 2023.
من المسلم به أن أداءك كان سيكون أفضل في الأسهم الأمريكية، نظرا إلى الارتفاع في مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 170 في المائة على مدى العقد. لكنك كنت ستتغلب على مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بسهولة، وسعر الذهب، والعقارات الرئيسة وسط لندن.
في الواقع، إذا اخترت أفضل الأصول أداء في مؤشر نايت فرانك كيه إف إل أي فقد سجلت مكاسب مذهلة بنسبة 322 في المائة.
لكن الأوقات الجيدة قد تكون حانت نهايتها للمشترين المستثمرين للمنتجات الفاخرة. ارتفع المؤشر 7  في المائة فقط في 12 شهرا حتى يونيو، كان هذا سابقا لمعدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة للشهر نفسه (3 في المائة) لكنه متأخر عن نسبة 7.9 في المائة في المملكة المتحدة.
لولا مكاسب سوق الأعمال الفنية بنسبة 30 في المائة، كان المؤشر الفاخر سيكون ثابتا تقريبا خلال العام. تقول نايت فرانك في تقريرها السنوي للمنتجات الفاخرة، "النمو بدأ في التباطؤ أو حتى الآنعكاس" بالنسبة إلى بعض فئات الأصول الفاخرة، باستثناء الفن.
وحتى في الفن هناك نوع من الحذر، إنها سوق في "فترة الانتعاش ما بعد الجائحة" وليست "بصحة جيدة"، كما يذكر التقرير، مستشهدا بسباستيان دوثي، من شركة الأبحاث الفنية. "تشير نتائج المزاد الأخيرة إلى بدء تباطؤ النمو بالفعل".
يعكس كل هذا التباطؤ في صناعة السلع والموضة الفاخرة بقيادة مجموعة إل في إم إتش، التي يسيطر عليها الملياردير الفرنسي برنار أرنو، حيث أبلغت عن انخفاض في نمو المبيعات في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر إلى 9 في المائة، انخفاض كبير من الارتفاع 17 في المائة التي سجلت في الربع الماضي.
من الواضح أن المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي توثر في مشتري المنتجات الفاخرة الأثرياء الآن أكثر من تأثيرها قبل عام. بينما تستطيع كثير من العائلات الثرية تحمل ارتفاع أسعار المستهلك دون توقف مؤقت في أنماط إنفاقها، فلا يستطيع إلا قليل منها تجاهل أثر ارتفاع أسعار الفائدة في التوقعات المالية. حتى إن لم تؤثر في محافظهم، فإنها تعد مصدرا للقلق لكثير من الأثرياء.
بعد كل شيء، كان العام الماضي أول مرة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 يشهد فيها الأثرياء انخفاض محافظ أصولهم، بالقيمة الحقيقية على الأقل. كما حسب في تقرير الثروة العالمي السنوي من بنك كريدي سويس وبنك يو بي إس أخيرا، فقد أدى التضخم إلى خفض نمو الثروة في بالدولار الأمريكي بست نقاط مئوية العام الماضي - ما حول مكاسب الثروة الاسمية التي بلغت 3.4 في المائة إلى خسارة ثروة حقيقية بنسبة 2.6 في المائة.
التضخم ينخفض الآن، لكنه يأخذ وقته في مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية التي تميل إلى رفع أسعار الطاقة وكثير من العقبات في الإمداد، ولا سيما في العمل، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان. كما يظل كثير من الخبراء الماليين قلقين حيال المستويات الضخمة من السيولة التي تضخ في الأسواق في الأعوام العشرة الماضية.
ربما تكون هذه جميعها أسبابا وجيهة للامتناع عن شراء حقيبة يد أخرى من نوع بيركن، ربما رسمة باهظة الثمن بشكل مطمئن من سلسلة تشيري بلوسومز الأخيرة لداميان هيرست.
لطالما كان الأثرياء يشترون المنتجات النادرة والجميلة. فهم يرغبون فيما يسميه الاقتصاديون السلع النادرة - أشياء لا يمكن محاكاتها بسهولة، إن أمكن ذلك. لا يمكن لبيكاسو إنتاج لوحة أخرى بالتأكيد. أما بالنسبة إلى الفنانين الذين هم على قيد الحياة، فيمكن أن يكون العرض أكثر مرونة قليلا. لكن الطلب على مثل هذه المنتجات الفاخرة أصبح عالميا. لم يسبق من قبل أن يكون هناك كثير من هواة اقتناء هذه المنتجات الأثرياء في كثير من الدول. قد يتشبثون بأموالهم لفترة من الوقت، لكنهم سيعودون.

*ستيفان واجستيل هو محرر فاينانشيال تايمز ويلث وفاينانشيال تايمز موني.

الأكثر قراءة