وباء يتفشى .. البحوث العلمية تتدنس بالاحتيال
كشف أحد أطباء الأعصاب أن الملف كان مقلقا للغاية لدرجة أنه لم يستطع النوم بعد قراءته. احتوى ذلك على مزاعم بأن عقارا تجريبيا يهدف إلى الحد من الأضرار الناجمة عن السكتة الدماغية - ويتطلع إلى استيفاء القواعد التنظيمية في آلية معجلة لتلبية حاجة طبية غير ملباة - ربما زاد بدلا من ذلك احتمال الوفاة بين المرضى الذين يأخذونه.
تم تقديم الملف، الذي عمل على تجميعه مبلغون عن الفساد وحصل عليه صحافي استقصائي، أخيرا إلى "المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة"، التي تضع اللمسات الأخيرة على تجربة سريرية بقيمة 30 مليون دولار على الدواء. يزعم المبلغون أن عالم الأعصاب النجم الذي يقود البحث، بيريسلاف زلوكوفيتش من جامعة جنوب كاليفورنيا، ضغط على زملائه لتغيير الملاحظات المختبرية وتحتوي الأوراق التي شارك في تأليفها على بيانات متلاعب بها. الجامعة تحقق في الأمر. ووفقا لمحاميه، يتعاون زلوكوفيتش مع التحقيق ويرفض بعض الادعاءات على الأقل.
لم يتم بعد إثبات حقائق هذه الحالة بالذات، التي عرضتها مجلة "ساينس" الأسبوع ما قبل الماضي، لكن مجال البحث يتحول سريعا ليصبح كتالوجا للحوادث والمخالفات وسوء السلوك. ينبغي ألا يعتمد استئصال الأخطاء والتلاعب على مبلغين أو هواة متفانين يتحملون مخاطر قانونية شخصية من أجل المصلحة العامة. بدلا من ذلك، يجب على العلم تطبيق بعض صرامته الشهيرة لإضفاء الطابع المهني على أعمال الكشف عن الاحتيال.
زلوكوفيتش ليس العالم الوحيد البارز الذي تصدر عناوين الصحف للأسباب المسيئة. في يونيو، فرانشيسكا جينو، عالمة السلوك في جامعة هارفارد، اتهمها ثلاثة أكاديميين أمريكيين يديرون مدونة داتا كولادا بارتكاب تجاوزات في البيانات. جينو، في إجازة إدارية، تقاضي الآن جامعة هارفارد ومتهميها بتهمة التشهير. جمع ثلاثي "داتا كولادا" حتى الآن أكثر من 376 ألف دولار لتمويل الدفاع القانوني.
كما كتبت عالمة النفس في جامعة أكسفورد دوروثي بيشوب، نحن نعرف فقط عن أولئك الذين ضبطوا. وهي ترى أن "موقفنا المتساهل" تجاه وباء الاحتيال العلمي "كارثة منتظرة". قد تجادل عالمة الأحياء الدقيقة اليزابيث بيك، وهي محققة بيانات متخصصة في اكتشاف الصور المشبوهة، بأن الكارثة موجودة بالفعل، فقد أدى عملها الممول من منصة باتريون إلى سحب أكثر من ألف ورقة علمية وتصحيحات بمثل العدد تقريبا.
أنجز هذا العمل في الغالب في وقت فراغ بيك، وسط عداء وتهديدات بدعاوى قضائية. وبدلا من هذه العدالة التي يطبقها من هو غير مخول بها، كما تجادل بيشوب، يجب أن تعين قوة شرطة مناسبة، بجيش من العلماء المدربين تدريبا خاصا، ربما بنيل درجة الماجستير، لحماية نزاهة البحوث.
إنها فكرة سديدة، إذا كان من الممكن إقناع الناشرين والمؤسسات بتوظيفهم (لدى سبانديدوس، شركة نشر في مجال الطب الحيوي، فريق داخلي لمكافحة الاحتيال). يمكن أن يساعد ذلك على إحباط صعود "مصنع الورق"، وهي صناعة تقدر بنحو مليار دولار حيث يمكن للباحثين عديمي الضمير شراء تأليف أوراق مزيفة مخصصة للمجلات التي يراجعها باحثون نظراء. تلعب الصين دورا كبيرا في هذه الممارسة، التي أنشئت لتعزيز ثقافة "انشر أو ودع عملك الأكاديمي" التنافسية عالميا التي تصنف الأكاديميين وفقا لعدد المرات التي ينشرون فيها البحوث ويستشهد بهم.
المراجعون النظراء، معظمهم لا يتقاضى أجرا على عمله، لا يكتشفون دائما الغش. ومع تراكم الحجم الهائل للأبحاث العلمية - ما يقدر بنحو 3.7 مليون ورقة بحثية صدرت من الصين وحدها في 2021 - تتضاءل فرص كشف الاحتيال. قبض على بعض الباحثين على وسائل التواصل الاجتماعي يطلبون انتهازيا إضافة أسمائهم إلى أوراق موجودة، مقابل مال على الأرجح.
الذكاء الاصطناعي بمنزلة هبة لهذا الغش الحديث. في 2021، تتبع فريق من الباحثين ازدياد "العبارات الملتوية" التي ينشئها الذكاء الاصطناعي في المنشورات، مثل "الوعي المزيف" بدلا من "الذكاء الاصطناعي". مع تحسن نماذج اللغة، لن يعود النص الذي أنشئ آليا هراء واضحا. عندما تغمر النتائج الفاسدة ومجموعات البيانات الكاذبة المنشورات، فإنها تصبح اللبنات الأساسية المعيبة لتحليلات أخرى - ما يقوض العلم الذي لم يكتشف بعد.
كما أن المخالفات تختلف على نطاق أوسع وأعقد من الخداع الصارخ. يمكن أن تكون تحليلا أرعنا أو بيانات منتقاة لدعم موقف الشخص. قد تكون قناعة حسنة النية لأكاديمي أنه لو تمكن فقط من تعيين المرضى المناسبين وتكييف تجاربه بالطريقة الصحيحة، فسيحل مشكلة الخرف الرهيبة. خذ في الحسبان أن المنظمين الطبيين يبدون على استعداد لإعادة النظر في المقايضة بين التكلفة والمنفعة في الحالات التي يصعب علاجها، وتصبح بيئة يمكن فيها لعرض نتائج التجارب الماكر أن يرفع دواء بمليارات الدولارات أو يحبطه.
وهذه هي المشكلة حقا: غياب إجراءات التدقيق الواجبة يعني أن مكافآت التحايل على القواعد العلمية أو خرقها تفوق عادة حوافز مراعاتها.