تجربة العملاء جسر للكفاءة الاقتصادية

تؤثر تجربة العملاء في القيمة المالية التي تحصل عليها الشركات من عملائها مباشرة من خلال المبيعات والولاء، فالعائد من تجربة العميل تجاريا يتمثل في استدامة النمو وتحقيق نتائج أفضل، ولا سيما على مراكز الربحية للمستثمرين، إضافة إلى تنامي التنافسية، أما الخدمات العامة فالعائد يظهر بوضوح على مراكز التكلفة والكفاءة وجودة الخدمة وزيادة رضا متلقي الخدمات ورفاهيتهم، وله تأثير في تحسن خدمات الحكومة في المؤشرات العالمية، لهذا كثير من نجاح تجارب السياحة العالمية يعود إلى جودة تجربة العميل كسائح.
أما الآثار الاقتصادية من قياس وتطوير تجربة العملاء، فتحسن من الكفاءة الاقتصادية، أي بزيادة تخصيص الموارد على النحو الأمثل على مستوى الأفراد والكيانات الاقتصادية العامة والخاصة وبأفضل الطرق الممكنة، مع تقليل الهدر ومنع تدهور الكفاءة، بمعنى آخر، موازنة الموارد كمدخلات وبين الكفاءة البحتة كمخرجات، التي يمكن الاستدلال بها على كفاءة الاقتصاد ـ وعلى سبيل المثال ـ إذا نجحت الشركات في جذب مزيد من العملاء من خلال تجربة العميل، تكون الشركات قادرة على تقليل تكاليفها بسبب وفورات الحجم والمنافسة القائمة على تعظيم القيمة، التي بدورها تحافظ على القوة الشرائية للعملة الوطنية، وتحد من التضخم غير المبرر والناتج من الحالات الانتهازية.
بالنظر إلى الآثار الناتجة على مستوى الأسواق، تؤدي مراقبة تحسين تجربة العملاء إلى كفاءة التسعير كنتيجة لدمج المعلومات التي ترد من العملاء مع الأسعار، وتعد واحدا من الأساليب غير المباشرة للتغلب على التسعير المبالغ فيه، لأسباب ومبررات غير اقتصادية.
كما أن هناك آثارا أعمق في خط الأعمال الأول المعروف بكفاءة العمليات، ومن خلالها يمكن التحكم والسيطرة على التكاليف وتطوير الأرباح، كما أن كفاءة العمليات تكشف الفرص الاستثمارية للنمو الرأسي للشركات والتقدم للكيانات العامة، أي أن قياس تجربة العميل يؤدي بطبيعة الحال إلى قياس الكفاءة التشغيلية وسهولة البحث عن الحلول بتكاليف أقل.
الاقتصاد القادر على تحقيق الأهداف بأقل قدر ممكن من المال والجهد، هو في الواقع يعكس الكفاءة للشركات والحكومات ويمكن قياس ذلك من زيادة الناتج المحلي، وكلها أي الشركات والحكومات تحتاج إلى منهجيات وأساليب متعددة لتحقيق ذلك، لذا قياس تجربة العملاء وتطويرها ومراقبتها واحد من تلك المنهجيات، ويمنح كذلك صناع السياسات الاقتصادية مزيدا من المعلومات لتحسين توجيه الدعم والتحفيز الاقتصادي.
في نهاية المطاف، كما ذكرنا أن قياس تجربة العميل ومتابعة تطويرها وطنيا يعزز من الكفاءة الاقتصادية وكفاءة الأسواق والتنافسية وكفاءة العمليات على المستوى الوطني، لذا تبرز أهمية تأسيس مركز وطني لقياس وتطوير تجربة العملاء للقطاعين العام والخاص، ويكون ارتباطه بالهيئات المشرفة على الأعمال والقطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الجهات الحكومية التي تقدم خدماتها للمجتمع، وفي نهاية كل نصف عام ترفع تقاريرها للمقام السامي، لضمان تحقيق تطوير شامل ومستدام في مختلف القطاعات الاقتصادية التي تشارك في الناتج المحلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي