الخلود الرقمي
ظل الإنسان على مر الأزمنة يحاول محاربة قدره المحتوم والحقيقة التي لا مفر منها (الموت) مهما طال عمره، ورغم معرفته التامة أنه لن يستطيع تغيير قدره إلا أنه استمر في المحاولة والتحايل لدفع الموت أو على الأقل تأجيله، ووجد فرصته الذهبية في ثورة عصر الذكاء الاصطناعي لإيجاد حلول والوصول إلى الخلود!
فمن خلال شركات متخصصة في الذكاء الاصطناعي حاول البشر تغيير مسار الرحلة البشرية وتوجيهها نحو الخلود، ومنها شركة "ديب برين" حيث تستخدم تقنيات مشابهة لتلك المستخدمة في التزييف العميق - التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقوم باستخدام برمجيات الدردشة واستبدال صورة وجه وصوت شخص بوجه وصوت شخص آخر مستهدف، لتبدو مقاطع الوسائط المزيفة حقيقية - لإنشاء نسخ رقمية من الأشخاص قبل وفاتهم. تعتمد هذه النسخ على البيانات الشخصية والذكريات التي يقدمها الأشخاص، بهدف إيجاد نسخة رقمية مقنعة، كما توجد مجموعات تعرف بمجموعات (ما بعد الإنسانية)، تعمل على تطوير طرق وبروتوكولات لجمع البيانات لتتمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة من إحياء الأشخاص رقميا في المستقبل!
أما شركة "هانسن روبوتك " فأخذت على عاتقها تطوير روبوتات بشرية المظهر تدهشك بقدرتها على التحدث والتفاعل بطريقة تشبه البشر دمجت فيها بين الروبوتات الواقعية ولغات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، معيدة إلى الأذهان مفهوم الوادي الغريب الذي ابتكره الياباني ماسهيرو عام 1970، ويعبر عن شعور البشر تجاه الروبوتات التي تحاكيهم حيث يتقبلونها ويتعاطفون معها في البداية، ثم ينقلب ذلك الشعور إلى نفور وخوف، إذ يرون أنها تغزوهم وتقضي على تفردهم!
أما شركة "هير افتر" فتسعى إلى إنشاء نسخ رقمية افتراضية من الأشخاص طبق الأصل مستخدمة تسجيلاتهم الصوتية
ومجموعة من صورهم، لتستطيع عائلاتهم وأصدقاؤهم التفاعل معها بعد وفاتهم. وشركة "إعادة الذكريات" تدعي أن بإمكانها أن تجعلك تتحدث مع المتوفين وتمكن نسخته الافتراضية من إرسال ملاحظات شخصية أو رسائل فيديو إلى أحبائهم في أعياد الميلاد أو الذكرى السنوية أو غيرها من الأيام الخاصة، وتوفر للأقرباء والأطفال الحزينين فرصة التحدث مع الشخص الافتراضي في صالة عرض تذكارية متخصصة مزودة بشاشة بعد وفاته، ويتم عمل نسخة من المستفيدين بعد إجراء نحو سبع ساعات من المقابلات معهم قبل رحيلهم.
أما التقنية الأكثر جنونا فهي إرسال شركه متخصصة موظفيها لمراقبة الأشخاص الذين يحتضرون، وفور إعلان وفاتهم رسميا يتم تجميدهم للحفاظ على أجسادهم بانتظار التكنولوجيا المستقبلية التي قد تتمكن من إعادتهم إلى الحياة، مع إيماننا بأن الله واهب الحياة هو الوحيد القادر على أخذها وبعثها من جديد!