الأمان

الشعور بالأمان أيا كان نوعه، شعور خفي يسكن القلب إذا كان عاطفيا، والعقل إذا كان نفسيا، والروح إذا حصلت على الهبة الإلهية العظيمة بقربك من ربك، الاقتراب الذهني النفسي الصادق الذي ينعكس على سلوكك تجاه نفسك والإنسانية والبشر، فضلا عن انعكاسه على عبادتك، طريقة تقربك إلى الرحمن.
أجمل أحاسيس الأمان هي التي تتأتى من إشاعتك الأمان في نفوس الآخرين من حولك، خصوصا الأضعف فالأضعف بدنيا أو ذهنيا، انطلاقا من طفلك، ومن حولك، وانتهاء بالغرباء، ومرورا بكل من يمر على قلبك وعقلك ويرتبط بك بأي نوع من العلاقات الإنسانية.
وأصدق أمان تحصل عليه عند تقديم الأفضل للآخرين، يبعد عنك الأحاسيس السلبية التي تقلص ثقتك بنفسك، وبهم، ويرفع حولك شواهد نور تحسها تضيء دواخلك، ثم تنعكس على الآخرين تخبرهم أنك ناضج عاطفيا، والنضج العاطفي هو استقراء أمانك والمستوى الذي وصلت إليه في سعيك أن تكون سعيدا، ناجحا، وفاضلا.
تقرأ أمانك بمقدار رغبتك في تحويل التجارب والخبرات السيئة إلى دروس، ثم ما تفعله حقيقة في الحياة لتحقيق هذه الرغبة، بطاقة تستمدها بمواجهة الواقع والتعامل معه بواقعية لا تبالغ فيها تجعلك في حالة تصالح دائمة، تسمو بك إلى ملمح مهم في حياة كل ناضج أو راشد تجاه أحاسيسه هو القدرة على أن تكن محبا، ومحبوبا.
الأمان من الخوف هو أول ما يتبادر لذهن القارئ لكلمة أمان، لكن مم يجب أن تخاف؟ أتمنى أن أكبر مخاوفك يجب أن يكون عدم تحقيقك النضج العاطفي الوجداني الاجتماعي، الذي يسير بك إلى "الإنسان الفاضل".
المخاوف التي نبحث عن أمان لها ابتعدت عن جوهر الإنسان وداخله، إلى قشوره وماديات حياته، فلا يحصل على الأمان الداخلي الذي هو وقود انطلاقه لتحقيق ما يعتقد أنه يحقق له الأمان في حياته.
أجد كلمة مفتاحية هنا، هي الإبداع، ليس فقط إبداع أصحاب المواهب والفنون والآداب وملكات الإدارة والقيادة، بل حتى البسطاء الذي يستطيعون صناعة وعيش بساطتهم المادية أو المعنوية أو النفسية بإحساس عال من الأمان والتوافق العاطفي والاجتماعي، فالمبدع حتى في صناعة قهوته كأقل مظهر حياتي يومي لديه روح إيجابية للحياة، يستمع لأسرارها، يقرأ أفكارها، ويبتسم وهو يستجمع في مخيلته أشياءها المتباعدة في صورة ذهنية سعيدة وآمنة، كما يلتقط ملعقته البعيدة، ويقرب علبة السكر، ويفتح عبوة القهوة، مستجمعا أشياءه حول سعادته في تلك اللحظة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي