من خلال تعيين جانيت ترونكل، البالغة من العمر 53 عاما، الرئيسة التنفيذية العالمية التالية، تأمل شركة إي واي أن تتمكن من تجاوز الصراع المحموم الذي أشعله أحد المرشحين المتنافسين على الوظيفة بشأن محظور القيادة النهائي: كبر السن.
أثناء حملته لتولي أعلى منصب في الشركة، حذر آندي بولدوين، البالغ من العمر57 عاما، المديرين التنفيذيين الذين يناقشون ترشيحه من أنهم يخاطرون بانتهاك قوانين التمييز على أساس السن إذا بالغوا في تقدير حقيقة أن فترة ولاية مدتها أربعة أعوام في شركة الخدمات الاحترافية ستجعله يتجاوز الـ60 في المنصب. وهو السن الذي تطلب عنده "إي واي" عادة من شركائها التنحي عن مناصبهم.
يبدو أن سن الـ60 هو سن مبكر بشكل عبثي وتعسفي على أن يطلب من المديرين التنفيذيين عند بلوغه تسليم شاراتهم. باستثناء عدد قليل من الوظائف التي تتطلب جهدا بدنيا، يبدو أن التقاعد الإلزامي عفا عليه الزمان أيضا. تلزم معظم الدول العمال بالكدح لفترة أطول قبل أن يتمكنوا من المطالبة بمعاش تقاعدي حكومي. كما أن الشركات تتلهف لتصبح أكثر شمولا.
من المرجح أن تزداد حدة التوتر مع محاولة الشركات والموظفين إعادة تصور العمل لمن هم في سن الـ50. في حديثه في مؤتمر الأنثروبولوجيا الأخير حول مستقبل المملكة المتحدة، وصف جيريمي هيوز، الذي يساعد على تطوير مؤسسة خيرية جديدة تهدف إلى سد الفجوة الديموغرافية تدعى "إنترجنريشينال إنجلاند"، مكان العمل بأنه "الملتقى الرئيس الذي تجتمع فيه الأجيال". لكن مكان العمل هو أيضا المكان الذي يمكن أن تتصادم فيه الأجيال بشكل مفاجئ.
من الصعب بالفعل أن نتصور إسناد المنصب الذي كان يشغله بولدوين وأقرانه في "إي واي" لأشخاص في العشرينيات من أعمارهم. وفي هذا السياق، أوضحت سفيرة الشباب لاداجا ويلسون أنها لا تريد أن تتبع مسار العمل الذي يبدأ من الساعة التاسعة إلى الخامسة ويشمل عطلة سنوية مدتها أربعة أسابيع الذي كان يتبعه آباؤها. لقد فضلت مهنة متنوعة ومرنة (حتى لو أعربت عن أسفها أنه سيكون من الصعب تحمل تكاليفها، نظرا إلى ما كان من المتوقع أن ترثه من الجيل الأكبر سنا، على المستويين المالي والبيئي). مثل هذه "المسارات المهنية المتعرجة" لا تخدمها العمليات التقليدية في اختيار القيادة.
يقولون إن العمر مجرد رقم. لكن التخطيط للخلافة يهيمن عليه رقم آخر: عادة ما تكون هناك وظيفة واحدة فقط في القمة. وهذا يغري الشركات لفرض التغيير لتخفيف الاختناقات في القيادة.
يعد سن التقاعد الإلزامي قانونيا في المملكة المتحدة إذا كان يمثل وسيلة متناسبة لتحقيق أحد أهداف الشركة. ويمكن أن يشمل ذلك تحرير الوظائف العليا أو، في حالة "إي واي" في المملكة المتحدة، الشراكات ليشغلها الزملاء الشباب. وعلى المستوى الذي لا يزال فيه الرجال مهيمنين، قد يخدم ذلك أيضا تحقيق هدف الشركة المتمثل في زيادة التنوع العرقي والجنساني.
في الولايات المتحدة، يعد التقاعد الإلزامي للرؤساء التنفيذيين استثناء بموجب تشريعات التمييز على أساس السن. لكن عددا متزايدا من الشركات الكبرى بدأ التخلي عن عمر التقاعد أو التنازل عنه. هذا العام، أسقطت شركة شيفرون سقف العمر البالغ 65 عاما من أجل الرئيس التنفيذي مايك ويرث، البالغ من العمر الآن 63 عاما، لضمان استمرارية عمل شركة النفط والغاز.
في الوقت نفسه، يستمر متوسط عمر الرؤساء التنفيذيين في الولايات المتحدة في الارتفاع. وفق شركة توظيف المواهب كريست كولدر، في 2013، بلغ متوسط عمر الرؤساء التنفيذيين عند تعيينهم 51.3 عام. ويبلغ الآن 55.6 عام.
تبدو الشركات المدرجة أكثر ترددا في الإبقاء على رؤسائها التنفيذيين حتى السبعينيات أو الثمانينيات من العمر. عندما أعددت تصنيفا للقادة العالميين للشركات المدرجة حسب العمر في 2011، كان وارن بافيت، الذي كان يبلغ من العمر 80 عاما آنذاك، يحتل المرتبة الـ16 في قائمة رؤساء الشركات الأكبر سنا. وبعمر 93 عاما، يتصدر الآن ترتيبا عالميا أعدته شركة بورد إكس لمصلحة "فاينانشال تايمز"، حيث يضم رئيسين فقط في الثمانينيات من العمر. وفي أوساط كبار المديرين الأمريكيين، فهو أكبر بـ11 عاما من ثاني أكبر مدير في قائمة فورتشن 500، وهو روبرت مهرابيان من شركة تيليداين للتكنوجيا.
قد يبدو أن بافيت استثناء. لكنه دليل حي على أن بعض الرؤساء التنفيذيين من كبار السن يبررون بشكل كاف تمديد فترة ولايتهم إلى ما بعد سن التقاعد. وينبغي للمديرين التنفيذيين الشباب المؤهلين أن يكونوا قادرين على الارتقاء الوظيفي في وقت أقرب أيضا. هناك فقط 31 شركة في قائمة فورتشن 500 العالمية يرأسها رؤساء تنفيذيون تقل أعمارهم عن 50 عاما.
أظهرت الأبحاث أن ثروة المساهمين تنخفض مع كل عام يتقدم فيه رئيس تنفيذي بالعمر. كثير من القادة يطيلون البقاء في مناصبهم بسبب مجالس الإدارة المتسامحة للغاية أو التخطيط السيئ للخلافة. وتشير دراسة أخرى إلى أن القادة يصبحون أكثر نفورا من المخاطرة مع تقدمهم في السن، إذ تترتب على ذلك عواقب سلبية على أداء الأسهم. كما وجد الباحثون أن ذلك ينبطق خاصة عندما يكون المديران التنفيذيان الأكثر تأثيرا أكبر سنا. قد تكون أفضل نتيجة هي الجمع بين الزملاء الأصغر والأكبر سنا.
إنني أفضل اتباع نهج لا يراعي السن ويتجاهل الصور النمطية المرتبطة بالعمر. ويمكن أن يساعد أيضا على تقييم قدرات وإمكانات الأشخاص الأصغر سنا مثل ويلسون، إذا كانت ترغب في إدارة شركة متعددة الجنسيات.
هذا مجال آخر حيث يمكن للتكنولوجيا فيه أن تحقق تكافؤ الفرص. في مؤتمر "فاينانشال تايمز" حول الذكاء الاصطناعي الذي عقد الأسبوعين الماضيين، قال توماس تشامورو بريموزيتش، مؤلف كتاب "لماذا يصبح كثير من الرجال غير الأكفاء قادة؟"، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد البشر "للتركيز على الصفات التي تجعلهم قادة أفضل، وتجاهل الإشارات المزعجة التي تجعلهم أكثر سمية وغير أكفاء".
بعبارة أخرى، حل مشكلة بقاء المديرين في مناصبهم أكثر من اللازم لا يتمثل في الإقالة التلقائية على أساس العمر، بل في التقييم الأكثر صرامة، على أساس الكفاءة.

التقاعد الإلزامي .. العمر مجرد رقم والكفاءة مرتكز

أضف تعليق