أين نطرق؟

لعل بعضكم يذكر قصة محرك السفينة العملاقة الذي تعطل، ثم استعان أصحاب السفينة بجميع الخبراء الموجودين، لكن لم يستطع أحد منهم معرفة كيف يصلح المحرك، ثم أحضروا رجلا عجوزا يعمل في إصلاح السفن مند أن كان شابا يافعا، كان يحمل حقيبة أدوات كبيرة معه، وعندما وصل باشر في العمل، فحص المحرك بشكل دقيق، من القمة إلى القاع، وكان هناك اثنان من أصحاب السفينة معه يراقبانه، راجين معرفة ماذا يفعل لإصلاح المحرك.
بعد الانتهاء من الفحص، ذهب الرجل العجوز إلى حقيبته وأخرج مطرقة صغيرة، وبهدوء طرق على جزء من المحرك، وفورا عاد المحرك للحياة، وبعناية أعاد المطرقة إلى مكانها.
بعد أسبوع استلم أصحاب السفينة فاتورة الإصلاح من الرجل العجوز وكانت عشرة آلاف دولار فصاحوا: "ماذا؟ هو بالكاد فعل شيئا" لذلك كتبوا للرجل العجوز ملاحظة تقول: "رجاء أرسل لنا فاتورة مفصلة".
الرجل أرسل الفاتورة كالتالي: دولارين قيمة الطرق بالمطرقة، و9998 دولارا قيمة "معرفة أين تطرق"، انتهت القصة المترجمة والفكرة الأساس منها أن الجهد مهم، لكن معرفة أين تبذل الجهد هو الفرق، وهي فكرة يمكن تطبيقها في كل مناحي الحياة.
نسمع كثيرا عبارة "أعمل بذكاء، ولا تعمل بجهد" وهي عبارة حمالة أوجه أفرزتها الرأسمالية، وكرسها كثير ممن يجنون المال دون صناعته، كأولئك الذي يتاجرون في المشتقات والرهون وغيرها ممن يسبب الأزمات المالية في بلدانهم كل فترة، وبعضها قريب نتذكره.
الحقيقة أن الجهد مهم، والعمل جاهدا مع الذكاء هو المطلوب للجميع، فالرجل أعلاه ـ سواء كانت القصة حقيقية أو متخيلة ـ فحص كل شيء قبل أن يقرر، وهو وصل إلى مرحلة الذكاء التي تمثلها الخبرة الكبيرة في هذه الحالة بعد عقود من العمل والجهد لاكتساب هذه المعرفة، المعرفة هي الكلمة السحرية لكلا الأمرين، للجهد وللذكاء.
لن أفصل في اقتصاد المعرفة كمفهوم وتطبيق، لكني أطمح أن يفهم كثير من الراغبين في الوصول إلى أهدافهم أن الجهد هو الأساس، وأن المثابرة تفوز دوما، وإذا كان معهما ذكاء في الاختيار والتنفيذ والتعامل مع المشكلات تحقق النجاح.
تحقق النجاح يعني الوصول إلى مستوى مطمئن من المعرفة، وهذا الوصول يسرع من النتائج، فيستطيع الإنسان أو تستطيع الشركة أو أي كيان أن تحقق في عام ـ مثلا ـ ما كان يحتاج لثلاثة أو أربعة أعوام لتحقيقه، وهكذا يتم التسارع ارتكازا على أساس، وليس على ظرف عابر أو حظ نادر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي