قراءه في أدبيات الغرب وأفعاله
ما أحوجنا في عالمنا العربي والإسلامي إلى القراءة، والدراسة المتأنية، والعميقة لوضع العالم الغربي، خاصة طبقته السياسية مع ضرورة التجرد من الأحكام المسبقة، بل إلى دراسة علمية، موضوعية تأخذ في حسبانها كل العوامل التي تؤثر في طريقة تفكيرها، وما يترتب على طريقة التفكير هذه من قرارات وأفعال خارج حدود موطنه كسياسي أقسم على دستوره، أو على ما هو معد لديه ليخدم وطنه، ومواطنيه في المقام الأول والأخير.
منذ ترعرعنا، وأصبحنا قادرين على القراءة، وأخذ الأخبار والمعلومات من مصادرها المسموعة، والمشاهدة الحية في العصر الحديث، أو من الكتب الفلسفية، والاجتماعية بشأن العالم تتكرر علينا مصطلحات مثل الديمقراطية والحرية والعدالة، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحرية الرأي، وما من شك أنها مصطلحات مغرية، وجاذبة تداعب النفس والعقل، وتحرك المشاعر لدرجة الخروج عن الطور في حال افتقاد الفرد النضج والمعرفة الصحيحة، والوقوف على الممارسات، فهي المحك الحقيقي الذي يكشف زيف الأقوال والشعارات وصدقها.
منذ عقود والعالم الغربي، وعلى رأسه الولايات المتحدة يمارس مسؤولوه وإعلامه ومفكروه، التباهي والافتخار بتفوقه، وتقدمه في خدمة الإنسان أينما كان، حتى ليخيل للقارئ أو السامع أن حقوق الإنسان لم تولد إلا في الغرب، ومع أجياله المتتابعة، ولا ألوم من لم يقرأ تاريخ الغرب ولا فلسفته وممارساته المنتهكة لحقوق الإنسان خارج أوطانه وداخلها.
الغرب تاريخيا قاد قبل قرون حملات حربية غزا بها الأوطان الأخرى، وسلب خيراتها وعبث بثقافاتها، وحرم شعوبها التعليم والحياة الكريمة، حتى وصل به الأمر إلى استعباد شعوب الدول التي احتلها، وأخذ الملايين معه ليعملوا في مزارعه، ومصانعه مقابل الأكل، وفي ظروف معيشية لا تليق بالبشر، بل إنه أباد الهنود الحمر في الأمريكيتين، حتى أصبحوا أقلية لا تذكر، ولا شأن لهم في أوطانهم.
الغرب أشعل الحربين العالميتين اللتين قضى بهما على عشرات الملايين من البشر، أما حروبه في إفريقيا والكوريتين، وفيتنام والفلبين، وسعيه لتقسيم الدول كما حدث في انفصال جزيرة تيمور الشرقية من إندونيسيا، وانفصال جنوب السودان وغيرها، فحدث ولا حرج من الأعمال الوحشية التي تمارس بحق المسالمين الآمنين في بيوتهم. إن خير شاهد على وحشية الغرب احتفاظ فرنسا بـ30 ألف رأس جزائري في المتاحف، فهل يعد الغرب هذه ممارسات حضارية يباهي بها الآخرين؟
ما يشاهده العالم هذه الأيام، وما يمارسه الكيان الصهيوني ربيب الغرب وصناعته، وداعموه سياسيا وعسكريا ولوجستيا ومخابراتيا في حق المدنيين في غزة من قتل وتدمير تنفر منه الوحوش، فهل لا يزال الغرب يعد نفسه رائدا ومتحضرا ومتمدنا، وهو يشاهد قتل الأطفال والنساء وكبار السن، وضرب المدارس والمستشفيات والأحياء السكنية وسيارات الإسعاف؟
أمريكا مدعية التحضر، وحقوق الإنسان تدعم الحرب الوحشية بثلاثة آلاف طن من المعدات، وذخائر عسكرية، ورصدت 14 مليار دولار، إضافة إلى التخطيط، والمستشارين العسكريين.
الوضع الحالي، والمستقبلي ينذر بالخطر، لذا إن قراءة واعية لسلوك وطريقة تفكير الغرب تكشف حتى للجاهل أن أسباب عدائه للأمة العربية، والإسلامية تعود لمصالح اقتصادية، ونهب لمصادر الطاقة المغذية لمصانعه وحقوله، إضافة للتنافس الحضاري، وخوفه من استيقاظ المارد العربي الإسلامي، كما لا ننسى عداء الآخرين الديني، إن الطبقة السياسية كشفت عن ذاتها الحقيقية، دون مواربة، كما في تصريح جورج بوش، وتصريح مارجريت تتشر، وكلينتون، وآخرهم وزير خارجية أمريكا الذي جاء للكيان الصهيوني معلنا أنه جاء بصفته يهوديا، وليس بصفته وزير خارجية أمريكا، ويحضر جلسة مجلس الحرب على غزة، تضاف هذه لزيارة بايدن وزعماء غربيين، وتطويق المنطقة بالبوارج الحربية.