الأسلحة الجديدة
في الحرب تستخدم جميع الأسلحة، حتى قبل اختراع الأسلحة كان العراك بين مجموعتين يتضمن أسلحة أخرى غير أيديهم وحجارتهم وعصيهم، الأصوات التي يطلقونها، والأصباغ المخيفة، أو الأشياء التي يلبسونها.
حروب العصر الحديث دخلت فيها عناصر كثيرة، لعل أهمها وأكثرها فاعلية هو الإعلام والاتصال، السلاح الذي يستخدم بذكاء أحيانا، وبمنتهى الغباء في أحيان أخرى.
في الحرب التي يشنها العدو الصهيوني المحتل على الشعب الفلسطيني برز سلاح الإعلام الرقمي كمؤثر مهم في الرأي العام العالمي، يستخدم لكشف بعض الحقائق، وللتعبير عن الغضب على الجرائم ضد الإنسانية واستهداف المدنيين.
هذا السلاح أبرز الانحياز الواضح من بعض التطبيقات الإعلامية الرقمية مع المحتل، وأن حيادها مع المستخدمين كذبة كبيرة، ورأينا بعض التطبيقات تحذف محتوى، أو تجمد حسابات كثيرة لأشخاص ليسوا من المسلمين والعرب الذين تهمهم القضية أكثر، بل ناس من جميع الجنسيات قالوا كلمة الحق التي لا تعجب ملاك هذه الشركات والتطبيقات، أو لا تعجب من يقف وراءهم.
الأمر انسحب أيضا على بعض المنتجات التجريبية للذكاء الاصطناعي، وبعض محركات البحث، فقد اكتشف كثيرون تلاعبا في المحتوى أو النتائج بحيث تستبعد أو لا تظهر بعض الحقائق التاريخية والآنية حول ما يحدث على الأرض الفلسطينية، وحول الظلم الإسرائيلي، وأجندات البعض في المنطقة.
قلت سابقا إن وسائل التواصل الاجتماعي فرضت واقعا جديدا على قطاعات الأعمال، خاصة تلك المرتبطة بالمستهلكين الأفراد، وهو أمر مفهوم قياسا إلى تأثيرها في الوعي، ومن ثم تأثيرها في السلوك، فتتأثر بالضرورة حركة المنتجات والخدمات تبعا لحضورها في هذه الوسائل، وأقول اليوم إنها تحاول فرض واقع جديد ومزيف على السياسة والثقافة وتفكير الشعوب.
كنا نحسب أن التطبيقات والإعلام الاجتماعي هي مشاريع ربحية، واليوم نتأكد أنها مشاريع لتنفيذ الأجندات الشخصية لملاكها، والأجندات الأكبر والأعمق للدول التي تحتضنها.
وسائل التواصل الاجتماعي سمتها التغييرات الحادة التي تفرضها المنافسة أو حتى مزاج ملاكها ولا يمكن التعامل معها على أنها ذات نهج محايد، إنه متغير، وقد يتطرف أحيانا في التغيير، إلى الدرجة التي رأيناها من حذف المحتوى والحسابات التي تدافع عن الإنسانية مثالا لا حصرا.
في هذا الشأن أجد أن البعض ينقل محتوى مليئا بالافتراءات والمغالطات عن بعض الشعوب والدول ليحقق انتشارا وتفاعلا ومتابعات، وحتى لو كان ينقله للرد عليه فإنني أجد ذلك، إضافة إلى أنه عيب، غباء كبيرا، لأنه يحقق هدف المفتري والمغالط بوصول رسالته المسمومة.