احتمال وجودك على الجانب الخاطئ

أنت صورة مختصرة لمجتمعك والأفكار السائدة حولك.. نظرتك للعالم غـير نزيهة أو مستقلة بالكامل، لكونها تتأثر بمواقف موروثة لا تعيها في الغالب.. مواقف ومؤثرات لم تخترها بإرادتك، إلا إن اخترت موقع ولادتك، وتنتهي بـك في الأغلب إلى تبني رأي سـائد ومكرر لا تجرؤ على مخالفته مثل معظم الناس.
لا يمكننا في الأغلب تمييز مواقفنا وآرائنا الموروثة، ولا حتى التخلص منها أو الحكم على غـيرنا بمعزل عنها.. نادرا ما يخطر ببالنا أن أفكارنا وقراراتنا (ونظرتنا للعالم كله) تأسست على مؤثرات تربوية وتاريخية واجتماعية رافقت نشأتنا. نادرا ما يتوقف أحدنا للتساؤل بشجاعة وحيادية عن احتمال صحة الرأي الآخر، ووجـوده هـو على الجانب الخاطئ.
مشكلة كل إنسان هي قـناعته بأن ما توصل إليه (بعـد ما يظنه تفكيرا مستقلا وواعـيا) هو الصحيح والسليم وما لم يسبقه إليه أحد.
معظم الناس يفشلون في اكتشاف الحقيقة ومعرفة الصواب، لأنهم يعـتقدون أنهم توصلوا إليهما بطريقة مستقلة خالية من المؤثرات. نعتقد أننا أحرار في قراراتنا واستنتاجاتنا، في حين أن 99 في المائة مما نعـتقده ونؤمن به هو في الأساس قـوالب فكرية جاهزة تلقيناها من آبائنا ومعلمينا والناس حولنا ـ وإن كنت تعتقد أنني أبالغ، أخبرني أنت بـالـ1 في المائة الذي لم يسبقك إليه أحد من العالمين!!
هذا يعني أنك تـتقـدم خطوة إلى الأمام بمجرد اعترافك أن أفكارك ومعـتقداتك تأسست منذ طفولتك على أفكار ومواقف موروثة أصبح من الصعب فصلها عن شخصيتك وأفكارك الخاصة.. تصبح أفضل من غيرك حين تعترف أولا بأنـك نسخة مكررة من مجتمعك وبيئتـك ومعظم الناس من حولك.. لن تخرج من (قوقعـتك) إلا حـين تفهم طريقة تفكيرك وتلاحظ تأثير تربيتك في الآراء والمواقف التي تتخذها بطريقة عفوية ولا واعية.
أول متطلبات الخروج بالرأي النزيـه والقرار الصائب هو الوعـي بـوجود المؤثرات الخارجية التي صاغـت أفكارنا ومواقفنا وآرائنا الحالية.. الخروج من قـوقعة المألوف والموروث، وتوجـيه أفكارنا للبحث عن الحقيقة المجردة، لا البحث عـما يـدعم الحقـيقة التي تلقيناها جاهزة.
حين نملك الشجاعة لفعل ذلك، سيصبح همنا الأول ليس الدفاع عن آرائـنا الخاصة، بـل التأكد من عـدم تبنينا آراء خاطئة ومواقف متحـيزة.. نصبح مهيئين لمعرفة الحقيقة المجردة، لا الدفاع عن أفكار ومواقف صاغها أشخاص غـيرنا.
نصبح أكثر تسامحا ومرونة وننتقـل بطريقة آمنة من مرحـلة الانتقاد والخـلاف مع الآخرين، إلى مرحلة الاتفاق والتـفهم وتقبل اختلاف الآخرين معـنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي