يمرض ويموت
"وزارة الإسكان" المتوثبة لتحقيق مخرجات تتوافق ومنهجية الرؤية لتحقق آمال القيادة وتطلعات المواطن تؤكد رعايتها لدعم استراتيجية العرض وتمكين الطلب، فيما يعزز التوازن بين المطلوب والمعروض من الوحدات السكنية في السوق العقارية بما يحفز رفع نسبة التملك وتصفير قوائم الانتظار بالسرعة المنشودة، وللإنصاف فقد قطعت الوزارة شوطا مقدرا مقتربة من تحقيق حالة الاستحسان رغم استحالة الرضا الكلي، ونعتقد أن "وزارة الإسكان" ووزيرها ماجد الحقيل مدركة أهمية تنظيم السوق العقارية قبل الخوض في سرد المنجز وفق المستهدف، ذلك أن المعضلة تكمن في ارتفاع أسعار العقار عاما بعد الآخر دون ضابط ولا أدنى معيار منطقي، حتى أضحى التملك مبتغى شبه مستحيل، رغم إمكانية الوقوف بحزم في وجه جشع تجار العقار المتعاظم.
لا يمكن لـ"وزارة الصناعة" على سبيل المثال تحقيق مستهدفاتها فيما يتعلق بالتشجيع على الصناعة طالما أن سعر العقار يتضاعف، فالفوارق شاسعة بين تكلفة امتلاك أرض قياسا بإدارة وتشغيل مصنع، فالأولى ليست بحاجة إلى حارس بل لا تأكل ولا تشرب، فالعقار يمرض ولا يموت وفقا للحكمة العقارية والثاني يوفر عشرات الوظائف من المشغلين والمهندسين، بينما الأرباح الهائلة المريحة تحققها تجارة العقار، ولو كان الأمر في اليابان كما هو الحال لدينا لما سمعنا عن مصنع في طوكيو.
لا بد من تصدي "وزارة الإسكان" لارتفاع أسعار العقار، جازمة أن توفير الخدمات وتأهيل مئات المخططات الممنوحة ولو كان ذلك برسوم، أمر كفيل بدعم العرض وتمكين الطلب، إضافة إلى الأهمية البالغة لمضاعفة رسوم الأراضي البيضاء لتصل إلى 20 في المائة مع الحرص التام على عدم تحميل تلك الرسوم للمستهلك الأخير من خلال ضبط الجشع، وتعميم ذلك على جميع المساحات دون استثناء لتدمير الاحتكار الذي ضاعف جراح الشباب والفتيات بعد أن تجاوز سعر الشقة في مواقع طرفية نصف مليون ريال كحد أدنى.
لعلنا نتفق أن تجارة العقار مسؤولة عن بطء مسار الاستثمار الصناعي والترفيهي، انطلاقا من سهولة المتاجرة والارتفاعات الدورية غير المبررة التي تحقق مكاسب مدهشة سريعة للمحتكرين دون سواهم، حتى أضحى التكهن بالأسعار ضربا من ضروب التنجيم في ظل عدم وجود معايير وضوابط وانتهاج تجار العقار أساليب تسويق مضللة من بينها التبشير بمشاريع مجاورة على غرار إخفاء معلومة قيام مشروع حيوي في منطقة معينة حتى يتم لتجار العقار شراء الأراضي المجاورة بأسعار زهيدة ثم الإعلان عن المشروع لترتفع تلك الأراضي بشكل جنوني فيبدأ الحصاد، فمتى تلتفت "وزارة الإسكان" التي حققت كثيرا وتصدت لحاجة المواطن لأسعار العقار، وهي القادرة على ضبطه بموجب معايير تسهل امتلاك الشباب السكن وقد بدأت تفعل على خجل.
ولعلي أختتم بالحاجة الماسة إلى الاستعانة بشركات مقاولات مهنية شرق آسيوية واستخدام تقنيات حديثة ورخيصة تساعد على مشروع توفير السكن للجميع بأسعار مقبولة.