نوبل للاقتصاد وتوثيق عمل المرأة
الفائزة بجائزة نوبل للاقتصاد هذا العام امرأة، وثالث امرأة، لكن هذه المرة دون مشاركة مع أحد، وهي الدكتورة كلوديا جولدن Claudia Goldin أستاذة الاقتصاد في جامعة هارفارد، المتخصصة في اقتصادات عمل المرأة والتاريخ الاقتصادي. أعطيت لها الجائزة بناء على أبحاثها في عمل المرأة وتاريخه، خاصة في أمريكا.
في القرن الـ18 تقلص دور المرأة، لأن الأعمال الزراعية نقصت، بينما ارتفعت الأعمال في الصناعة، كان ذلك من خلال دراسة موسعة عملتها في التسعينيات، بعنوان: شرح للفجوة في الأجر بين الجنسين: تاريخ توظيف المرأة في أمريكا. لكنها عاودت الارتفاع في القرن الـ20 بسبب تنامي دور الخدمات في الاقتصاد. تصف عقد السبعينيات من القرن الماضي، بأنه "ثوري" في أمريكا، لأن سن الزواج بدأ يتأخر، الذي تزامن مع رغبة المرأة في تعليم عال، كذلك كان لانتشار حبوب منع الحمل دور في تأخير الزواج والحرية والتحكم في مدة عمل المرأة. لكن في الأجر ما زالت هناك فجوة بين الرجل والمرأة للعمل نفسه تصل إلى نحو 20 في المائة، يبدأ الفرق في الزيادة بعد فترة المولود الأول. في دراسة لها امتدت 15 عاما لخريجي كلية الأعمال في جامعة شيكاغو، بدأت الفجوة في الدخل بين الرجل والمرأة تزيد بعد الطفل الأول أو الثاني.
أبحاث الدكتورة كلوديا امتدت أيضا إلى نسب مشاركة المرأة في سوق العمل، وأسباب الاختلاف في الأجر بين الرجل والمرأة، والانحياز ضد توظيف المرأة، إلى التطور في التشريعات التي تحمي عمل المرأة. كذلك تقول إن الاختلاف في الأجر لم يعد بسبب التحصيل التعليمي، لأن المرأة في المتوسط أعلى تعليما من الرجل، خاصة في الدول الغربية. لكن أيضا هذه الظاهرة لم تعد في الدول الغربية فقط، فقد بدأت المرأة في آسيا والشرق الأوسط في التفوق التعليمي. فنشهد في المملكة تحولا تاريخيا في دور المرأة في سوق العمل، إذ ارتفعت نسبة مشاركة المرأة إلى نحو 20 في المائة في فترة تاريخية مقارنة بما حدث في دول غربية.
تقول أيضا إنه ما زالت هناك عنصرية ضد عمل المرأة في أمريكا، فمثلا تذكر دراسة عن طالبي العمل في الأوركسترا، حيث كان أغلب التوظيف للرجال، إلى أن تم التوظيف دون معرفة جنس المتقدم للتوظيف، حيث تغلبت المرأة وأصبحت نسبة العاملين من النساء أعلى من الرجال. لا بد أن هذه الممارسات جارية في مجتمعات ودول كثيرة لأسباب تختلف بحسب التشريعات والتطور الاجتماعي وطبيعة سوق العمل.
يعرف عن الدكتورة كلوديا عشقها للتدريس، إذ يفضل أغلبية أساتذة الاقتصاد البحث وترك التدريس لمساعديهم، لكنها ترى في التدريس فرصة لمعرفة مدى صحة أفكارها. تبلغ كلوديا 77 عاما، ومتزوجة من أستاذ اقتصاد في جامعة هارفارد، الذي شاركها في بعض الأبحاث. حصلت على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة كورنيل، وعلى الدكتوراه من جامعة شيكاغو، وانتقلت لهارفارد منذ 1989.
في الأخير ليس تقليلا من دور المرأة حتى أبحاث الدكتورة كلوديا جولدن، لكن ليس هناك بحث نوعي على الرغم من أهمية توثيق تاريخ عمل المرأة. يبدو أنه ليست هناك أفكار جديدة عميقة في النظرية أو التجربة الاقتصادية، خاصة أن عمل المرأة ليس جديدا، وفي الأغلب ما ينطبق على المرأة ينطبق على الرجل، لذلك ربما مساهمتها في التاريخ الاقتصادي أكثر منه تبصرا أو فكرا جديدا.