قد يصنف سكان لوكسمبورج على أنهم الأغنى في الاتحاد الأوروبي، لكن التكلفة الباهظة لشراء أو استئجار منزل في البلاد جعلت العيش هناك شبه مستحيل بالنسبة إلى البعض.
وأصبحت الأزمة مصدر القلق الأول في الدوقية الكبرى التي يبلغ عدد سكانها 660 ألف نسمة، وهي أصغر من ولاية رود آيلاند، أصغر ولاية أمريكية، مع توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع الأحد المقبل.
اضطرت باسكال زورو، وهي معلمة وأم لثلاثة أطفال، إلى الانتظار لمدة خمسة أعوام قبل أن تتمكن من الوصول إلى السكن الاجتماعي المطلوب.
وقالت لـ"الفرنسية"، خلال مظاهرة جرت أخيرا في مدينة لوكسمبورج: "في السوق الخاصة، يكلف استئجار شقة من غرفتين ما لا يقل عن ألفي يورو - وهو أمر صعب مع دخل واحد فقط. السكن الميسر نادر، خاصة بالنسبة إلى الشباب والأسر ذات الوالد الوحيد".
وقد أيد أنطوان باكود، الباحث في مرصد الإسكان، الذي يجمع البيانات التي توجه سياسة الحكومة، هذا الرأي.
وأضاف "مزيد من اللوكسمبورجيين يعبرون الحدود للعيش في ألمانيا أو بلجيكا أو فرنسا لمجرد انخفاض الإيجارات وأسعار العقارات".
إن الوضع مثير للقلق بالنسبة إلى بلد يتمتع باقتصاد مزدهر يعتمد على الخدمات المالية.
وبلغ متوسط صافي دخل العامل الواحد في لوكسمبورج 47 ألف يورو (49 ألف دولار) سنويا في 2022، وفقا لتقديرات وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي - وهو الأعلى في التكتل.
يطغى على الآخرين
في العاصمة، تباع الشقق الجديدة بمبلغ 13 ألف يورو للمتر المربع، بينما يصل سعر الشقق القديمة إلى 10700 يورو. ويبلغ متوسط تكلفة المنزل 1.5 مليون يورو.
وارتفعت الإيجارات 6.7 في المائة بين يونيو 2022 ويونيو 2023، وهو أسرع بكثير من معدل التضخم البالغ 3.4 في المائة خلال تلك الفترة.
وقال فيليب بوارييه، المحلل السياسي في جامعة لوكسمبورج، إن السكن أصبح "السؤال الذي يطغى على كل الأسئلة الأخرى" في الانتخابات التشريعية.
وأشار إلى "ندرة المساكن والأراضي، وتكلفة البناء أو الشراء، وارتفاع الإيجارات" بوصفها المشكلات الرئيسة.
وتعهد الحزبان السياسيان الرئيسان اللذان يأملان في قيادة الحكومة المقبلة باتخاذ إجراءات.
ووعد الحزب الليبرالي الذي يتزعمه رئيس الوزراء كزافييه بيتيل بإنشاء وزارة كبرى للإسكان، ويريد فرض مزيد من الضرائب على العقارات الشاغرة، والاستثمار في الإسكان الاجتماعي. وتدفع الزعيمة الاشتراكية بوليت لينرت - وزيرة الصحة في الحكومة الائتلافية الحالية - نحو استثمارات ضخمة في الإسكان ميسور التكلفة.
التمسك بالأرض
لكن المشكلات البنيوية المرتبطة بالإسكان عميقة ولن يكون تغييرها بالمهمة السهلة.
وقال باكود إن الافتقار إلى ضريبة الميراث والرسوم الرمزية فقط شجعت المالكين على الجلوس على الأراضي دون تطويرها.
وأضاف أن "0.5 في المائة من السكان المقيمين، أي ثلاثة آلاف شخص، يملكون نصف الأراضي القابلة للبناء". هؤلاء الملاك يحتفظون بأراضيهم لأطول فترة ممكنة بسبب ارتفاع الأسعار".
كما أن الفرص الاقتصادية المتاحة تجذب أعدادا كبيرة من العمال الأجانب، ما يساعد على رفع تكلفة المجمع السكني المحدود.
نحو نصف الأشخاص الذين يعيشون في لوكسمبورج ليسوا مواطنين في البلاد.
هناك فجوة واسعة من حيث معدلات ملكية المنازل بين سكان لوكسمبورج الأصليين، بنسبة 80 في المائة، والمقيمين الأجانب بنسبة 50 في المائة فقط.
في حين أن عديدا من اللوكسمبورجيين لديهم وظائف مضمونة تقريبا في مؤسسات الدولة، يتعين على الأجانب التعامل مع سوق العمل المتغيرة.
وقال بوارييه: "أولئك الذين هم في أسفل المقياس في لوكسمبورج هم بالأحرى الأجانب المقيمون". ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من الرواتب المرتفعة والحد الأدنى الرسمي للأجور الذي يبلغ 2571 يورو شهريا، تحتل لوكسمبورج المراكز الثلاثة الأولى في منطقة اليورو من حيث خطر الفقر بالنسبة إلى الأسر ذات الوالد الوحيد والدخل الواحد، وفقا لتقرير صدر أخيرا عن منظمة الصحة العالمية.

