25 رأسا

بعض العادات الاجتماعية تحتاج إلى إعادة النظر وتصحيح المسار، وهذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير، فالخطوة الأولى للتغيير تعد الأصعب خصوصا في ظل متطلبات حياتنا المعاصرة، ما دعاني إلى كتابة هذا المقال رسالة وصلتني يقول صاحبها: "أنا شاب عمري 27 عاما بعد تخرجي بشهور حصلت على وظيفة براتب ثمانية آلاف ريال، رغبت في البحث عن زوجة أتشارك وإياها طريق الحياة، كل باب كان يفتح كان يغلق بسرعة أتدرين لماذا؟ بسبب المهر والمتطلبات الخيالية لأهالي البنات، في إحدى الشوفات الشرعية تعلق قلبي بفتاة هادئة وجميلة أحببنا بعضنا منذ النظرة الأولى فهي صديقة أختي، بنيت أحلاما في عقلي وتخيلتها أما لأولادي وأنها تلك المرأة التي أرغب في قضاء حياتي معها، لكن طلبات أهلها أيقظتني من حلمي الجميل.
تخيلي طالبوني بمهر قدره 50 ألف ريال، أما متطلبات العرس فهي كالتالي: 25 رأس غنم بحكم أن أقاربهم ومعارفهم كثيرون إضافة إلى بوفيه عشاء للنساء، حلويات وفطائر للنساء قبل العشاء، قهوة مع صبابات، مطربة سعرها يراوح ما بين 15 و20 ألف، قاعة أفراح وكوشة بحدود 25 ألف ريال، حارسة تفتيش على الباب من أجل الجوالات، مصورة محترفة للعرس، وشهر عسل، بحسبة بسيطة كل ما سبق سيكون مجموعه لا يقل عن 200 ألف ريال، إضافة إلى استئجار شقة وتأثيثها بالمفروشات والكماليات وأجهزة التكييف والأجهزة الكهربائية بما لا يقل عن 100 ألف ريال كأقل التوقعات، لو أضفنا الحسبتين مع بعض سيكون مطلوبا مني 300 ألف ريال حتى أكمل هذا الزواج، أي أنني سأضطر إلى قرض يلتهم نصف راتبي فأظلم نفسي وتلك الفتاة رغم أنها كما أخبرتني شقيقتي لا تريد كل هذه المظاهر ولكنها لا تستطيع أن تقول ذلك لأهلها.
فما الحل مع العلم أنها الطلبات نفسها التي أطالب بها في كل مرة أتقدم لخطبة فتاة؟
الحل هو رفع الوعي المجتمعي بخصوص عدم الإسراف في مظاهر الزفاف، أن يتوقف الأهل عن النظر إلى الزواج كرهانات السباق أيهم كان الأفضل والأفخم هو الفائز، الاقتناع التام بأن التيسير على الشباب وعدم تكبيلهم في سلاسل القروض البنكية هو من سيجعلهم سعداء في حياتهم، المدعوون سيلتهمون الفطائر وورق العنب والذبائح ويرقصون على صوت المطربة ثم يعودون إلى بيوتهم، بينما سيظل الأزواج الجدد ينظرون بحسرة نهاية كل شهر والراتب يطير لأعوام عديدة.

وخزة
25 رأس غنم سعرها 50 ألف ريال لو تخيلناها قرضا بفوائد بنكية ستصبح 58 ألف ريال.. "تكفون ارفقوا بعيالنا"!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي