FINANCIAL TIMES

كبار المطورين العقاريين يتعثرون بالعملة الصينية الضعيفة

كبار المطورين العقاريين يتعثرون بالعملة الصينية الضعيفة

سجل كبار مطوري العقارات الصينيين خسائر في النقد الأجنبي بنحو ثلاثة مليارات دولار، بشكل رئيس على قروضهم بالدولار، خلال النصف الأول من العام بسبب ضعف الرنمينبي، الأمر الذي زاد الضغط على معاناتهم لتأمين النقد لخدمة الديون المتزايدة.
وبلغ إجمالي صافي خسائر الصرف الأجنبي لـ24 من أكبر 30 مطورا صينيا مدرجا في البر الرئيس من خلال المبيعات المتعاقد عليها قبل حملة كوفيد - 19 في عام 2020، 21.25 مليار رنمينبي (2.75 مليار دولار) للأشهر الستة الأولى من هذا العام، وفقا لبحث أجرته صحيفة نيكي آسيا.
سجلت خسائر صرف العملات الأجنبية على الورق فقط وتعتمد الخسارة أو الربح الفعلي على أسعار الصرف في تواريخ الاستحقاق المعنية. لكن هذه الأرقام تعمل كمقياس لمخاطر أسعار الصرف المرتبطة بالديون المقومة بالعملات الأجنبية والمستحقة على شركات التطوير العقاري المتعثرة، خاصة عندما انخفض الرنمينبي إلى أدنى مستوى له منذ 16 عاما مقابل الدولار في 8 سبتمبر.
وترى أليسيا جارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين في آسيا والمحيط الهادئ في شركة ناتيكسيس، أن انخفاض قيمة الرنمينبي كان نتيجة لزيادة السيولة بسبب التخفيضات في نسب متطلبات الاحتياطي وأسعار الفائدة من بنك الشعب الصيني، الذي يتعرض للضغوط من قطاع العقارات.
وقالت: "كلاهما، إلى جانب تدفقات المحفظة السالبة الآن إلى الصين، أدى إلى إضعاف اليوان". وينظر إلى العملة الضعيفة على أنها نتيجة ثانوية لمساعدة مطوري العقار المتعثرين، لكن يبدو أنها تزيد من العبء المالي لأولئك المعرضين بشدة للديون بالدولار.
وفي حين اضطرت مجموعة يانجو إلى الشطب من بورصة شنتشن الشهر الماضي وفشلت شركة سي أي إف أي هولدينجز المدرجة في هونج كونج في الإعلان عن تقرير أرباحها نصف السنوية بحلول الموعد النهائي في نهاية أغسطس، لم تكشف أربع شركات عن ذلك صراحة، وقال عدد قليل منها: إن هذه الخسائر مدرجة في فئة أوسع من "الخسائر المالية". وقد تكون الخسائر الفعلية الناجمة عن انخفاض قيمة الرنمينبي أكبر.
وتصدرت شركة تشاينا إيفر جراند القائمة بخسارة صافية في صرف العملات الأجنبية بلغت 4.14 مليار رنمينبي، أو 12.5 في المائة من صافي الخسارة البالغة 33 مليار رنمينبي خلال الأشهر الستة الأولى. ومن بين إجمالي القروض البالغة 625 مليار رنمينبي في نهاية يونيو، كان 26.3 في المائة منها مقوما بالدولار الأمريكي ودولار هونج كونج. حيث ترتبط قيمة الأخير بالأول.
ومنذ انخفضت قيمة الرنمينبي بنحو 10 في المائة على مدار العام حتى ذلك الحين، فإن قيمة ديون إيفر جراند المقترضة بالعملتين الأجنبيتين تتضخم عند تحويلها إلى العملة الصينية.
وأبلغت شركة كانتري جاردن عن أكثر من ثلاثة مليارات رنمينبي من صافي خسائر الصرف الأجنبي، ما أسهم في تسجيل خسارة نصف سنوية قياسية بلغت 48.93 مليار رنمينبي. ويراقب المستثمرون العالميون عن كثب شركة التطوير العقاري ومقرها جوانجدونج، حيث فوتت في البداية ما مجموعه 22.5 مليون دولار من مدفوعات الفائدة على اثنين من سنداتها المقومة بالدولار الشهر الماضي.
وعلى الرغم من أن الشركة تمكنت أخيرا من التفاوض على المواعيد النهائية لسداد بعض السندات المحلية - وهي جزء من قروضها البالغة 257.9 مليار رنمينبي - ذكرت الإدارة في تقريرها نصف السنوي أنها "تواجه مزيدا من الصعوبات في الحصول على التمويل من خلال إصدار سندات الشركات المحلية الجديدة والسندات الممتازة في الخارج بسبب الصعوبة والتحديات في بيئة تمويل الديون.
وقالت شركة سوناك تشاينا، التي تخلفت بالفعل عن سداد سنداتها الداخلية والخارجية، إنها سجلت خسارة مماثلة بلغت 3.24 مليار رنمينبي خلال النصف الأول من العام، إذ لم تسدد شركة التطوير الواقعة في تيانجين مبلغ 129.23 مليار رنمينبي، أو أكثر من 40 في المائة مما تدين به للدائنين والمصرفيين، حتى نهاية الشهر الماضي.
وقال سيدريك لاي، المحلل المقيم في هونج كونج لدى وكالة موديز لخدمات المستثمرين، هذا الشهر: إن الوصول إلى التمويل للمطورين المملوكين للقطاع الخاص بشكل عام "سيظل مقيدا وسط ضعف الثقة في السوق" حيث خفض توقعات الائتمان الإجمالية لقطاع العقارات في الصين إلى سلبية من مستقرة.
وعلى الرغم من العدد الكبير من تدابير الدعم الأخيرة، فإنه يتوقع مزيدا من الانخفاض في مبيعات العقارات في جميع أنحاء البلاد مع استمرار مخاوف مشتري المنازل، خاصة وأن التطور الائتماني السلبي في شركة كانتري جاردن "قد زاد من عزوفهم عن المخاطرة".
لكن عددا من المطورين المملوكين للدولة أقل تأثرا بانخفاض قيمة العملة، حيث يجدون مزيدا من التمويل المحلي لتحقيق الاستقرار في أوضاعهم المالية مع إضعاف مراكزهم بالعملة الأجنبية.
وقال لي شين، رئيس شركة تشاينا ريسورسيز لاند، إن الشركة "خفضت بنشاط تعرضها لصافي الديون بغير الرنمينبي" خلال النصف الأول من العام. وبلغ التعرض للعملة الأجنبية في نهاية يونيو 8.5 في المائة من إجمالي القروض القائمة البالغة 231 مليار رنمينبي، بانخفاض 8.3 نقطة مئوية عن نهاية عام 2022.
وتمكنت الشركة - وهي وحدة تابعة لشركة تشاينا ريسورسيز، وواحدة من 98 "شركة مركزية" من النخبة والخاضعة للسيطرة المباشرة لبكين - تمكنت من إصدار ست سندات داخلية لجمع عشرة مليارات رنمينبي بفوائد قسيمة تراوح بين 2.16 في المائة و3.39 في المائة خلال هذه الفترة.
وقال لي: "إن تقلبات سعر صرف الرنمينبي لن يكون لها تأثير كبير في الوضع المالي للمجموعة".
لقد تراجع تأثير تقلب الدولار بالنسبة لشركة بولي ديفلوبمنتس، أكبر مطور مدرج بحسب المبيعات المتعاقد عليها وكيان مرتبط بجيش التحرير الشعبي. وبلغت قيمة السندات المقومة بالدولار والقروض قصيرة الأجل أكثر بقليل من مليار دولار، انخفاضا من 1.5 مليار دولار قبل عام.
وتحاول شركة لونجفور، وهي واحدة من شركات التطوير الخاصة القليلة في البر الرئيس، التي تتمتع بتصنيفات شركات قابلة للاستثمار من الوكالات العالمية الثلاث، تحاول إدارة مخاطر تقلبات العملة عن طريق التحوط والتقليص التدريجي للديون المقومة بالدولار الأمريكي ودولار هونج كونج. وتبلغ نسبة القروض المقومة بالعملة الأجنبية الآن 21.6 في المائة، بانخفاض 5.4 نقطة عن الأعوام الثلاثة الماضية، مع تغطية 97 في المائة من خلال مقايضات أسعار الفائدة ابتداء من نهاية يونيو.
وقال محللون: إنه على الرغم من التوقعات المتشائمة في قطاع العقارات، فمن غير المرجح أن يتحمل البنك المركزي مزيدا من المخاطر في ظل تقلبات أسعار الصرف.
وقال جو وانج، رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة في الصين لدى بنك بي إن بي باريبا، لصحيفة نيكي آسيا: "أعتقد أن الديون المقومة بالدولار الأمريكي من مطوري العقارات لم تعد من الاعتبارات بالنسبة لبنك الشعب الصيني من حيث العملة".
"على الرغم من أن خسائر الصرف الأجنبي كبيرة جدا، إلا أن المشكلة المتبقية الآن هي فقط لعدد قليل من الكيانات المتعثرة. وقام كثيرون آخرون بتخفيض مراكزهم أو التحوط لتعرضهم للعملات الأجنبية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES