يضعف عقد الصفقات العالمية عند أقل مستوى له منذ عشرة أعوام، حيث تثبط أسعار الفائدة المرتفعة نشاط الأسهم الخاصة وتردع بيئة مكافحة الاحتكار الأكثر عدائية الشركات من ملاحقة المنافسين.
قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ التي بلغت تريليوني دولار المعلنة في أول تسعة أشهر من العام هي الأقل منذ 2013، وانخفضت 28 في المائة من الفترة نفسها في 2022، كما تظهر بيانات من مجموعة بورصة لندن.
كان الانخفاض في الصفقات الكبيرة بقيمة عشرة مليارات دولار أو أكثر شديدا على وجه الخصوص، إذ تراجعت 42 في المائة على مدى الأشهر التسعة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي.
اختتمت البداية البطيئة للعام بأسوأ ربع ثالث منذ 2012 بصفقات بلغت قيمتها 616 مليون دولار.
خفضت البنوك الأمريكية إنفاقها مع تباطؤ صفقات الاندماج والاستحواذ منذ موجة ما بعد الجائحة في 2021. كما تراجعت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية حول العالم 12 في المائة مما كانت عليه في الوقت نفسه العام الماضي إلى 76 مليار دولار، ووصلت الرسوم في الربع الثالث إلى أقل مستوى ربع سنوي لها منذ بداية 2016.
بعثت ثلاث صفقات ضخمة محتملة كشف عنها بداية سبتمبر الآمال بين المصرفيين والمحامين بانتعاش في السوق، حيث بدأ عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية في التلاشي.
قال بيل كورتن، الرئيس العالمي للاندماج والاستحواذ في شركة هوجان لوفيلز للمحاماة، "في الأسبوعين الماضيين تلقيت مكالمات من مقدمي عروض استراتيجيين كبار ينظرون في معاملات بمليارات الدولارات في قطاعاتهم، وهذه مكالمات لم أتلق مثلها قبل ستة إلى 12 شهرا".
اتفقت شركة التكنولوجيا الأمريكية سيسكو الأسبوع ما قبل الماضي على أكبر استحواذ لها على الإطلاق، وهي صفقة بقيمة 28 مليار دولار لشراء شركة صناعة البرمجيات الأمريكية سبلانك، بينما أكدت شركة أديفينتا النرويجية للإعلانات المبوبة أنها تلقت نهجا غير ملزم من شركتي الأسهم الخاصة بيرميرا وبلاك ستون، ما رفع قيمة الشركة إلى نحو 14 مليار دولار شاملة الديون.
في وقت مبكر من هذا الشهر، دخلت اثنتان من أكبر شركات التعبئة والتغليف في العالم، ويست روك الأمريكية وسمرفيت كابا الأيرلندية، في اندماج لإنشاء مجموعة عالمية تقدر بقيمة 20 مليار دولار تقريبا.
"بشكل عام، تشعر مجالس إدارة الشركات بأنها أدارت تحديات العام والنصف الماضيين وتركز الآن على كيفية المحافظة على التنافسية والأهمية في الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة"، كما قال جان ويبر، رئيس الاندماج والاستحواذ لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في مورجان ستانلي.
لكن صانعي الصفقات يحذرون من أنهم لا يتوقعون أن يعود النشاط مجددا. هذا العام الثاني على التوالي الذي انخفضت فيه صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية برقم من خانتين، وهي أول مرة يحدث فيها ذلك منذ تبعات الأزمة المالية في 2008-2009.
قال دوين لايسات، الرئيس المشارك للاندماج والاستحواذ لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في جيه بي مورجان: "من الصعب رؤية أي دافع لمجموعة من عمليات الاندماج والاستحواذ المقبلة. في حين يتزايد الزخم، ستكون الصفقات في مستوى مليار إلى خمسة مليارات دولار الركيزة الأساسية للطرف الأكبر من السوق". "لا يزال الناس يركزن جهودهم على الداخل نسبيا".
كما تجعل ارتفاعات أسعار الفائدة وبيئة التنظيم شديدة الانتعاش السريع صعبا.
رفعت أسعار الفائدة العالية تكاليف الاقتراض لتمويل عمليات الاستحواذ. أثر ذلك سلبا خاصة في مشتري الأسهم الخاصة، وهم محرك عمليات الاندماج والاستحواذ في الأعوام الأخيرة.
"لا تزال مستويات نشاط الأسهم الخاصة منخفضة ويعود ذلك بشكل أساسي إلى أسواق تمويل الديون وأن تكلفة التمويل لا تزال مرتفعة، مقارنة بالأعوام السابقة بالطبع عندما كان نشاط الرعاة أعلى بكثير"، كما قال كريشنا فيراراجافان، شريك في شركة بول ويس.
وصل إجمالي معاملات الأسهم الخاصة إلى 393 مليار دولار حتى الآن هذا العام، بانخفاض 41 في المائة مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي.
كما ثبط النهج القوي الذي اتبعته هيئات تنظيم مكافحة الاحتكار على عمليات الاستحواذ المشترين المحتملين. حظرت هيئة تنظيم المنافسة في المملكة المتحدة استحواذ مايكروسوفت على شركة أكتيفجن بليزارد بقيمة 75 مليار دولار في البداية، ولم توافق على الصفقة إلا بعد إعادة صياغة الشروط بشكل كبير، بينما في الولايات المتحدة، رفعت لجنة التجارة الفيدرالية دعوى قضائية ضد عمليات استحواذ متسلسلة من شركات أسهم خاصة لأسباب تتعلق بمكافحة الاحتكار.
"تتم تسوية معظم الصفقات على الرغم من موقف بعض المنظمين السلبي"، كما قال فرانك أكويلا، كبير شركاء الاندماج والاستحواذ في شركة سوليفان آند كرومويل. لكنه أضاف أن الحصول على موافقات مكافحة الاحتكار اللازمة لا يزال تحديا، كما هو الحال مع التمويل.
"أدى تشديد الائتمان إلى زيادة استفادة المشترين من سوق الديون الخاصة"، حسبما قال. جعل هذا إبرام الصفقات الأكبر أصعب لأن تجميع حزم الديون الضخمة مثل هذه أكثر تعقيدا.

خمول الأسهم الخاصة يثبط عقد الصفقات العالمية .. أدنى مستوى منذ عقد

أضف تعليق