FINANCIAL TIMES

صناعة السيارات .. كفتا الميزان ترجح المستثمرين والرؤساء على العمال

صناعة السيارات .. كفتا الميزان ترجح المستثمرين والرؤساء على العمال

كانت حال المساهمين وكبار الرؤساء في جنرال موتورز وفورد وستيلانتس أفضل بكثير من حال العمال في الأعوام الخمسة الماضية، حيث تمتعت صناعة السيارات في الولايات المتحدة بانتعاش مذهل بعد الانهيار المالي في 2008، وفقا لتحليل "فاينانشيال تايمز".
في حين يمر إضراب نقابة اتحاد عمال صناعة السيارات في أسبوعه الثاني، يعيش القطاع انتعاشا يقوي كلمة النقابة في المفاوضات.
تظهر الوثائق أن المساهمين تلقوا نحو 85 مليار دولار من شركات ديترويت الثلاث (جنرال موتورز وفورد وستيلانتس) من خلال توزيعات الأرباح وعمليات إعادة الشراء منذ الأزمة.
وسع اتحاد عمال صناعة السيارات الإضراب الجمعة، ما أثر في جنرال موتورز وستيلانتس بقوة أكبر، بينما تراجع عن زيادة الضغط على عمليات فورد بعد ما زادت عرض الأجور.
لا تزال شركات صناعة السيارات الثلاث عالقة في نقاشات محتدمة بشأن الأجور مع النقابة، مجادلة بأنها تحتاج إلى موارد للاستثمار في السيارات الكهربائية والتنافس في سوق عالمية متزايدة الصعوبة.
لكن يشير اتحاد عمال صناعة السيارات إلى ركود الأجور وإلى المخاوف بأن التحول إلى السيارات الكهربائية، الذي يتطلب عمالا أقل في التجميع ويأخذ البطاريات من مصانع غير نقابية، يهدد مستقبل العمل المنظم بين شركات صناعة السيارات الأمريكية.
يقول فيليب هوشوا، محلل السيارات العالمي في جيفريز، إن الأرباح الوفيرة لشركات صناعة السيارات جعلت الشركات المصنعة "قلقة" أثناء النقاشات.
الارتفاعات الحادة في الأجور التنفيذية، خاصة في وقت يعاني فيه معظم العمال آثار التضخم المرتفع، تجعل المطالبات بأجور أعلى "رواية سهلة الإقناع بالنسبة إلى اتحاد عمال صناعة السيارات"، كما أضاف.
من حيث القيم الحقيقية، انخفض أجر العامل العادي في شركات صناعة السيارات الثلاثة نحو 20 في المائة في الأعوام الخمسة حتى 2022 – مدفوعا بشكل كبير بانخفاض الأجور في فورد.
لكن تحذر شركات صناعة السيارات من أن زيادة 40 في المائة، طلب النقابة الأصلي – الذي قلص الآن إلى 36 في المائة – يشكل خطرا على الصحة المالية للشركات المصنعة.
قال جيم فارلي، الرئيس التنفيذي في فورد، إن الشركة "كانت ستكون مفلسة الآن" إذا دفعت الأجور التي يطالب بها اتحاد عمال صناعة السيارات.
لم تصرح شركات صناعة السيارات علنا كم ستكلفها مطالب الاتحاد.
قدر فارلي أن أرباح فورد الإجمالية على مدى الأعوام الأربعة الماضية البالغة 30 مليار دولار كانت ستكون عوضا عن ذلك خسائر قدرها 15 مليار دولار، ما يشير إلى فجوة تبلغ 45 مليار دولار، بينما تشير مصادر مقربة إلى جنرال موتورز إلى تكلفة أعلى بكثير تصل إلى 80-100 مليار دولار.
المدفوعات
ضمن عوائد المستثمرين التي بلغت 84.9 مليار دولار منذ الانهيار، 52.7 مليار دولار منها جاء من توزيعات الأرباح و32.6 مليار دولار من عمليات إعادة شراء الأسهم.
تضمنت هذه العوائد توزيعات أرباح لمرة واحدة بلغت 3.5 مليار دولار من فيات كرايسلر قبل اندماجها مع "بي إس إيه" لتشكل ستيلانتس في 2020 لمعادلة قيمة الشركتين المندمجتين.
وكان برنامج جنرال موتورز لعمليات إعادة شراء الأسهم البالغة قيمته 26.3 مليار دولار، الذي أدارته الشركة إلى حد كبير من 2012 إلى 2017 حيث ازدهرت في الأعوام التي تلت الإفلاس، وراء جزء كبير من ذلك المجموع.
كما حيرت المدفوعات المراقبين أيضا، حيث جاءت في وقت تحتاج فيه شركات صناعة السيارات إلى ضخ مليارات الدولارات في السيارات الذكية للتنافس مع تسلا.
"سيقول الناس: أخبرتمونا أن السيارات الكهربائية ستكون مكلفة، لكنكم أهدرتم كثيرا من المال على عمليات إعادة الشراء"، كما يشير هوشوا.
الأرباح
بلغت إجمالي الأرباح في الشركات الثلاث 70.3 مليار دولار خلال 2021 و2022، رقم كان سيكون أكبر لو لم تبلغ فورد عن خسارة بمقدار ملياري دولار العام الماضي بعد شطب استثمارها في الشركة الناشئة ريفيان ومشروع القيادة الذاتية آرجو إيه آي.
دفع ارتفاع الأسعار الأرباح حيث توافق نقص القطع العالمي المزمن مع الطلب القوي بعد الجائحة.
بالنسبة إلى جنرال موتورز، كان 2021 العام الأكثر ربحية منذ خرجت من الإفلاس في 2009، بدخل بلغ 10 مليار دولار. أما ستيلانتس، التي تشمل "بي إس إيه" الفرنسية بعد الاندماج في 2019، فحققت صافي دخل تاريخيا بلغ 17.7 مليار دولار العام الماضي، معظمه قادم من أمريكا الشمالية.
حتى مع انخفاض عدد السيارات التي باعتها، بلغ إجمالي إيرادات شركات صناعة السيارات الثلاثة أربعة تريليونات دولار على مدى الأعوام العشرة الماضية.
المدفوعات
كانت الأرباح المرتفعة التي تمتع بها كبار المسؤولين التنفيذيين نقطة حساسة لاتحاد عمال صناعة السيارات، حيث كانت تعويضات كثير منهم مرتبطة بالأرباح أو مؤشرات الأداء الأخرى مثل عوائد المساهمين.
هناك بعض العوامل المخففة. تضاعف حجم ستيلانتس بعد الاندماج مع "بي إس إيه" وغيرت رئيسها التنفيذي، حيث قاد كارلوس تافاريس من "بيجو" الشركة الجديدة بدلا من مايك مانلي من "فيات كرايسلر".
على نحو مشابه، استبدلت فورد جيم هاكيت في 2020 بجيم فارلي، ما أدى إلى ارتفاع في أرقام الأجور في 2020.
في جنرال موتورز، زاد أجر الرئيسة التنفيذية ماري بارا 11 في المائة بالقيمة الحقيقية في الأعوام الخمسة حتى 2022 مقابل انخفاض 10 في المائة للعامل العادي.
تقارن زيادة الأجور 29 في المائة في ستيلانتس بانخفاض 9 في المائة لأجر العامل العادي، بعد احتساب التضخم.
لا تقتصر أجور المسؤولين التنفيذيين الوفيرة على صناعة السيارات، بل ترتبط ارتباطا وثيقا بالعوامل الاقتصادية الأوسع.
"في 2021، عندما كان الاقتصاد مزدهرا بعد بداية الجائحة في 2020، استلم 82.5 في المائة من الرؤساء التنفيذيين مدفوعات مكافأة أعلى من الهدف"، كما قالت مجموعة إيكولار للتعويضات والبيانات.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES