اليوم الوطني في عيوننا

خلال الـ17 من شهر جمادى الأولى 1351هـ الموافق الـ19 من سبتمبر 1932، صدر أمر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- للإعلان عن توحيد البلاد وتسميتها باسم المملكة العربية السعودية ابتداء من الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ، الموافق 23 سبتمبر 1932، ويوافق الأول من الميزان. وصار لقب الملك عبدالعزيز "ملك المملكة العربية السـعودية". وجاء في الأمر الملكي أن ذلك اليوم هو اليوم الوطني للمملكة.
اختارت الدولة شعار الدولة "سيفان متقاطعان بينهما نخلة"، أما العلم فأصبح لونه أخضر مستطيل الشكل تتوسطه شهادة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله" باللون الأبيض وتحتها سيف باللون الأبيض.
قامت الدولة في عهد الملك عبدالعزيز على أسس من تحديث وتطوير منسجم مع العصر وتطوراته، دون مساس بتحكيم الشريعة الإسلامية. ومن التطورات الحديثة آنذاك إنشاء مجلس الوكلاء 1350هـ الموافق 1931. الذي كان نواة لإنشاء مجلس الشورى. وكانت وقتها أمور الدولة موزعة على ستة أقسام تنظيمية حولت إلى ثلاث وزارات، هي: الداخلية والخارجية والمالية، وكلها كانت في الحجاز، كما أقيمت علاقات دبلوماسية وفق المتعارف عليه رسميا بين الدول.
تم في عهد الملك عبدالعزيز تنفيذ أول مشروع من نوعه لتوطين البدو. كما بذلت جهود كبيرة في تحسين وضع المملكة الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي. وكان التعليم قبل عهد الملك عبدالعزيز في حكم المعدوم.
واهتمت الدولة بموضوع الأمن اهتماما كبيرا، كما اهتمت بمحاربة البدع والخرافات، وإنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزودت بالإمكانات والصلاحيات، وأمر الملك بتوسعة الحرم النبوي الشريف.
كان عام 1357هـ/1938 بداية استخراج النفط بكميات تجارية في المنطقة الشرقية. نعمة من الله زادت الثروة النقدية زيادة غير مسبوقة، ما أسهم في بدايات إنشاء بنية أساسية حديثة في البلاد. من هذه البنية بداية إنشاء طرق معبدة، ومطارات ومد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام. وعودة إلى الحديث عن اليوم الوطني، نقول جميعا اليوم الوطني في عيوننا. اليوم الوطني يذكر الإنسان بوطنه. يذكر الإنسان بالأرض التي نشأ عليها آباؤه وأولاده. الوطن ليس يوما أو شهرا أو عاما. الوطن ليس عمرا بل أعمار. الوطن كان لآبائنا وهو لنا وسيكون لأولادنا ولأولادهم وأولاد أولادهم إلى ما شاء الله.
نحمد الله أن خلقنا مسلمين. نحمد الله على أن وحد هذه البلاد المترامية. نحمد الله على ما من به من نعم. نحمد الله أن من علينا بالأمن والأمان والصحة في الأبدان. نسأله -سبحانه- أن يديم علينا هذه النعم، وأن يحفظ هذا الوطن من كيد الكائدين وعدوان المعتدين.
نحمد الله على أن من على بلادنا السعودية بفضله سبحانه، ثم بفضل سياستها الحكيمة، بحفظها من الفتن والزوابع التي مرت بكثيرين حولنا. إن اليوم الوطني يوم عزيز على قلب كل مواطن. وقد شرف الله -سبحانه- هذا الوطن بخدمة أقدس مقدسات المسلمين، وطن شرفه الله -سبحانه- بحمل راية التوحيد «لا إله إلا الله محمدا رسول الله»، ترفرف عاليا خفاقة على مؤسساته العامة والخاصة معلنة أن هذا البلد هو بلد التوحيد.
«وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود * وإذ قال إبراهيم رب اجعل هـذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير * وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم».
لهذا البلد حق على مواطنيه بأن يذكروا أمجاد الموحد لهذا الوطن الملك عبدالعزيز.
المواطنة الحقيقية ليست مجرد كلام وشعارات، بل التزام وأداء أمانة وإخلاص ومحبة لهذا الوطن. التزام بالحفاظ على مكتسباته، والدفاع عنه، والتفاني في خدمته.
نتذكر في اليوم الوطني مسيرة التنمية الشاملة لهذا الوطن، في ظل قيادة حكيمة، تراعي مصلحة الوطن والمواطن، دون الإخلال بثوابت الدين، مع الالتزام بالأخلاق العربية الأصيلة.
نتذكر تنمية تهتم ببناء البشر، لا بناء الحجر فقط. تنمية تسعى إلى توفير الحياة الكريمة لأبناء وبنات هذا الوطن. تنمية تسعى إلى استغلال ما منحه الله من موارد بشرية وغير بشرية، لتحقيق تنمية مستدامة ومعيشة يفتخر بها المواطنون. يمر بنا هذا اليوم الوطني ونحن نرى بلادا حولنا تمر بالفتن والمشكلات، فنحمد الله على ما من به علينا من أمن وأمان ونعم شتى لا تعد ولا تحصى، فله الشكر.
يمر بنا هذا اليوم الوطني وندرك أتم الإدراك أن محبة هذا الوطن لا تستقيم دون محبة ولاة أمره وطاعتهم، ومناصرتهم، والدعاء لهم.
يمر بنا هذا اليوم الوطني وندرك أتم الإدراك أن محبة هذا الوطن لا تستقيم دون الحفاظ على مقدرات هذا الوطن، والسعي للارتقاء به إلى الأفضل.
أسأل الله -العلي القدير- أن يحفظ لنا ديننا وأمننا وولاة أمرنا وعلماءنا، وأن يعيننا على أداء الرسالة المنوطة بنا، وأن نكون ونبقى مواطنين صالحين، مسهمين في رفعة هذا الوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي