الإبداع المؤقت والدائم

أيام جميلة نعيشها في فترات الاحتفاء بذكرى اليوم الوطني، ومثله يوم التأسيس، أيام مليئة بالفخر والثقة والطمأنينة والآمال العريضة، نستحضر كثيرا مما أنجزنا، ونستشرف كثيرا مما نحلم بتحقيقه.
المواسم الوطنية فرصة اتصالية وتسويقية مهمة على مستوى القطاعات الثلاثة، العام والخاص وغير الربحي، فرصة تنجح بعض الجهات والشركات في الاستفادة منها، ويخفق عدد غير قليل منها في ذلك، وهي أيضا تشكل فرص اقتناء وتسوق للناس إذا صادف وحصلوا على عروض حقيقية وصادقة.
تنهال المقاطع المصورة في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى مواقع الجهات والشركات، هي في مجملها جميلة على غرار (كل البشر جميلون)، لأنها تتحدث عن الوطن وحبه ومنجزاته، لكن بعضها جميل عابر لا يبقى في ذاكرة المتلقي أكثر من يومين أو ثلاثة، وهو أيضا لا يبقى في ذاكرة أهل التسويق والاتصال كثيرا كمثال يحتذى أو يبعث على الغيرة المهنية، لأنه ببساطة ضعيف المستوى، مكرر المحتوى.
ربما تحتاج بعض الجهات إلى عدم إنتاج "فيلم" قصير سنويا يستهلك سريعا وهدفه تسجيل الحضور، لم لا تفكر في إنتاج شيء أفضل وأقوى يستمر هو نفسه لعدة أعوام، أليس هذا الإبداع يشبه بشكل أو بآخر أغنية أو قصيدة أو لوحة أو مسرحية؟ ألا يمكن أن يستمر في الذاكرة لعدة أعوام مثل بعض الأغاني الوطنية والقصائد واللوحات والمسرحيات؟
أفكر بصوت مقروء وأعرف أن البعض يتمنى أن يقدم أفضل، لكنه لا يعرف كيف، أو هو ينتبه في الوقت الضيق إلى ضرورة المشاركة ثم يلجأ قسم التسويق أو الاتصال لديه إلى أسرع الحلول، أو إلى وكالات تقدم أفكارا معلبة وجاهزة لم تعد تستفز ذائقة المتلقي الذي يتلقى الكثير، الذي بدوره أصبح لديه سقف أعلى في زمن الاتصال والتواصل المفتوحين.
بعض الوكالات الإعلانية التي "تسلق" مواد اليوم الوطني للشركات لديهم ضعف في المعرفة، أو ما يسميه علماء الاتصال "الحدود المعرفية" عن المملكة وتفاصيل تراثها وتاريخها، وقصص رجالها ونسائها، وهي تذهب إلى "المنطقة الآمنة" حيث تقدم عموميات نعرفها منذ عقود لتقدمها في قالب رقمي أحدث.
بعض الجهات أو الشركات تركز على نشاطها أو مجالها وتربطه أو تربط تطوره بهذه المناسبة وهذا حسن، حسن لأنه واقعي أكثر وربما يخرج من فخ التكرار.
لا بد من شكر الجميع على اجتهادهم، والنقد في ظني نوع ضمني من الشكر لأنه يستجيب لمن يعمل أو يحاول.
أما العروض التسويقية فتحتاج إلى وقفة خاصة بعد انتهاء "الموسم".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي