«آرم» تواجه التحدي المقبل: إطلاق عجلة النمو

«آرم» تواجه التحدي المقبل: إطلاق عجلة النمو

لأعوام عديدة، كانت شركة آرم لتصميم الرقائق سعيدة بجمع الفتات من موائد بعض أقوى شركات أشباه الموصلات في العالم. وقد فرضت رسوما صغيرة على تصاميمها، ما عاد عليها بتسعة سنتات فقط في المتوسط عن كل جهاز من أجهزة الحاسوب الجديدة البالغ عددها 30 مليارا، التي اعتمدت على التكنولوجيا الخاصة بها العام الماضي.
والآن، مع عودتها إلى الحياة كشركة عامة، تضع شركة آرم في حسبانها فكرة مختلفة هي: أنها تريد المطالبة لنفسها بشريحة أكبر بكثير من كعكة صناعة أشباه الموصلات.
حيث قال رينيه هاس، الرئيس التنفيذي لشركة آرم، لصحيفة فاينانشيال تايمز: "في كل عام يتم شحن مزيد من الرقائق مع الشركة، ومزيد من تكنولوجيا آرم تدخل في تلك الرقائق. لذلك لدينا تأثير مضاعف. نعتقد أنه في الأعوام المقبلة سيكون لدينا مساحة جيدة للنمو".
أصبح السعي للحصول على حصة أكبر أمرا أساسيا في استراتيجية شركة آرم، وفي التقييم البالغ 65 مليار دولار الذي حققته الشركة في أول يوم من تداولها. وهو ما يمثل أكثر من 20 ضعفا من إيرادات الشركة عن العام الماضي، في الوقت الذي كانت فيه سوق الهواتف الذكية تنكمش، التي تمثل معظم أعمالها.
وقال هاس إن الشركة التي تتخذ من كامبريدج مقرا لها أصبحت الآن "أكثر تنوعا"، بعد أن تحولت من كسب نحو ثلثي إيراداتها من رقائق الهواتف المحمولة إلى أقل من النصف. وقال: "لقد قمنا بكثير من العمل في الأعوام بين 2016 و2023 من أجل تحويل الشركة".
تختلف الخطة كليا عن التي كانت في ذهن رئيس سوفت بنك، ماسايوشي صون، عندما وافق على دفع 32 مليار دولار للاستحواذ على شركة آرم في عام 2016. في ذلك الوقت، رفض فكرة رفع أسعار آرم لتبرير العلاوة الضخمة المدفوعة لشركة بلغت إيراداتها 1.49 مليار دولار فقط قبل ذلك بعام. وبدلا من ذلك، كانت طموحات المجموعة اليابانية مرتبطة بإنترنت الأشياء، حيث كان من المتوقع أن تؤدي الزيادة الهائلة في عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت، وليس ارتفاع الأسعار، إلى تحقيق النمو.
وفي حين أن هذا لا يزال أحد قطاعات السوق الأربعة لشركة آرم، إلا أن اهتمامها تحول نحو أسواق مراكز البيانات والسيارات، التي من المتوقع أن تنمو بشكل أسرع بكثير وتحقق أرباحا أكبر. كما أنها تسعى إلى المطالبة بحصة أعلى من الإيرادات التي تساعد على تحقيقها لصانعي الهواتف الذكية.
وسلطت الاستراتيجية الجديدة الضوء على قضية لم يتم حلها التي تسبق ملكية سوفت بنك: "أين يمكن لشركة آرم العثور على مبيعات جديدة مع نضوج أعمالها الأساسية في مجال الهواتف الذكية؟".
وقال أحد المسؤولين التنفيذيين السابقين في الشركة: "كان هذا هو التحدي الذي يواجهونه منذ عشرة أعوام: كيف نحقق النمو في أعمالنا التقليدية؟ وكيف نبني أعمالا ثانية؟ لم يتمكنوا أبدا من العثور على أعمال ثانية، كما تحقق الأعمال الأساسية أرباحا جيدة، لكنهم لا يستطيعون إيجاد طريقة لتنميتها".
وبلغت إيرادات آرم وقدرها 2.7 مليار دولار في العام الماضي 1.3 في المائة فقط من قيمة جميع الرقائق التي يمكن أن تستفيد من تكنولوجيتها، وفقا للمدير المالي جيسون تشايلد.
ويعتمد الحصول على حصة أكبر على إيجاد أنواع جديدة من العملاء لتكنولوجيتها، وفي الوقت نفسه إقناع جميع العملاء بالتخلي عن حصة أكبر من المبيعات التي تعتمد على تكنولوجيا آرم.
وبدلا من الاعتماد فقط على صانعي الرقائق التقليديين، تحولت إلى ترخيص شركات صنع الهواتف وشركات الخدمات السحابية وغيرها، التي تحول الكثير منها إلى تطوير رقائق خاصة بهم.
وفي دلالة على مدى أهمية هذا الأمر لأعمالها، كشفت شركة آرم في ملف تنظيمي الشهر الماضي أن شركة أبل وقعت ترخيصا جديدا معها يمتد حتى عام 2040. تباهت بحصة 10 في المائة من سوق الحوسبة السحابية، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى أمازون، التي تستخدم تصاميم آرم لرقائق جرافيتون المستخدمة في وحدة أمازون ويب سيرفيسيز الخاصة بها.
وفي الوقت نفسه تحاول آرم الحصول على أسعار أعلى، حيث أوضحت سارة روسو، المحللة في شركة بيرنشتاين، أن الجهود المبذولة لرفع رسوم الجعالة جاءت في أعقاب تقديم أحدث جيل من تكنولوجيتها، آرم في 9 قبل عامين، وتذكر بالمحاولات السابقة لاستخدام التحولات لتبرير ارتفاع الأسعار.
وقال هاس: "لقد أصبحت الأجهزة التي تستخدم تكنولوجيا آرم معقدة بشكل لا يعقل. عندما تنتقل من هندسة عشرة نانومترات إلى خمسة نانومترات أو أقل، فإن مقدار الوقت المستغرق لتصميم الشريحة يرتفع بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، فإن مقدار الوقت الذي يستغرقه بناء هذه الشريحة -لإنتاجها في المصنع، وتعبئتها وتجميعها- أطول".
وأضاف: "النظام الفرعي للحوسبة" الخاص بشركة آرم، الذي يضم مجموعة من التكنولوجيا والتصاميم اللازمة لصنع شريحة معقدة، يمكنه تسريع تلك العمليات وتسريع وقت طرحها في السوق. "سيدفع العملاء رسوم جعالة أعلى مقابل ذلك".
وأشار أحد المصرفيين الذين قدموا المشورة لشركة آرم بشأن الصفقة، إلى أن عرض الاكتتاب العام للمستثمرين على شركة تطور الملكية الفكرية وهندسة الرقائق "لم يكن سهلا"، مضيفا: "لقد قاموا بعمل رائع في إعادة تموضعهم".
وقالت روسو: إن الشركة تعمل بجد للعثور على طرق لجعل تكنولوجيتها أكثر قيمة لعملاء الهواتف الذكية الحاليين. وشمل ذلك الخروج بعقدين جديدين مصممين لتشجيع العملاء على تجربة مجموعة واسعة من تكنولوجيا آرم، مع إجراء مزيد من المدفوعات المنتظمة على أساس الاشتراك.
وأوضحت أن هذه الجهود معا ربما تكون قد مكنت شركة آرم بالفعل من رفع عوائد الملكية الفكرية على العقود الجديدة، وهو ما يبرر ثقتها في توقع العودة إلى نمو بخانة العشرات هذا العام.
وقال المدير التنفيذي السابق: "يمكن لشركة آرم أن تتقاضى ما يحلو لها - وهي تقوم بذلك"، مضيفا: "لكن الضغط من أجل رفع الرسوم يزيد من خطر أن يفكر بعض العملاء في التخلي عن آرم تماما والتحول إلى ريسك - في، وهي تكنولوجيا منافسة مفتوحة المصدر".
حقيقة أن عشرة من أكبر عملاء شركة آرم، بما فيهم إنفيديا وأبل، اشتروا أكثر من 700 مليون دولار من الأسهم فيما بينهم في الاكتتاب العام، يجب أن يخفف من هذا القلق، وفقا لبعض المراقبين. وقال بات مورهيد، محلل الرقائق الأمريكي: إن وجود مستثمرين استراتيجيين كبار "يبعث برسالة جيدة حول مستقبلهم. إن قيام شركة مثل أبل بالاستثمار يظهر أنها تعتقد أن شركة آرم موجودة في مستقبلها".

الأكثر قراءة