«جوجل» تواجه تهمة الاحتكار .. بناء إمبراطورية من خلال عقود غير قانونية
بدأت أمس جلسات الدعاوى القضائية الماراثونية بين الولايات المتحدة وشركة جوجل لتحديد ما إذا كانت شركة التكنولوجيا العملاقة قد أساءت استخدام موقعها المهيمن، بسبب إجراءات احتكارية في خدمات البحث العامة التي توفرها عبر شبكة الإنترنت.
وفي قلب هذه الدعوى التاريخية، وبعد مرور 20 عاما على رفع دعاوى قضائية مماثلة ضد شركة مايكروسوفت، يكمن السؤال التالي: هل تدين جوجل بنجاح محرك بحثها لأدائها، أم لممارساتها المانعة للمنافسة؟
ووفقا للحكومة الأمريكية، قامت جوجل ببناء إمبراطوريتها من خلال عقود غير قانونية أقامتها مع شركات مثل سامسونج وأبل وفايرفوكس، لتثبيت أدواتها افتراضيا على هواتفهم الذكية وخدماتهم.
هذه الهيمنة على شبكة الإنترنت، وبالتالي على الإعلانات الرقمية، سمحت لشركة "ألفابت"، الشركة الأم لجوجل، بأن تصبح واحدة من أغنى الشركات في العالم، بحسب "الفرنسية".
وخلال عشرة أسابيع من جلسات الاستماع لنحو 100 شاهد في محكمة في واشنطن، ستحاول الشركة الواقعة في كاليفورنيا إقناع أميت ميهتا القاضي الفيدرالي بأن اتهامات وزارة العدل لا أساس لها من الصحة.
وقال كينيث ووكر المستشار العام لشركة "ألفابت"، الشركة الأم لجوجل، في بيان رسمي "إن نجاحنا مستحق". وأضاف أن "الناس لا يستخدمون جوجل لأنه ليس لديهم خيار آخر بل لأنهم يريدون ذلك. من السهل تغيير محرك البحث الافتراضي الخاص بك، فنحن لم نعد في عصر أجهزة المودم والأقراص المدمجة".
أيقونة وادي السيليكون
هي أهم دعوى منافسة مرفوعة ضد إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى منذ أن هاجمت الحكومة نفسها شركة مايكروسوفت بسبب هيمنة نظام التشغيل ويندوز.
بدأت الدعوى القضائية التي رفعتها واشنطن ضد مايكروسوفت عام 1998، وانتهت بالتسوية عام 2001، بعد أن ألغت محكمة الاستئناف قرارا يقضي بتقسيم الشركة.
وقالت الوزارة في شكواها "إن جوجل كانت في ذلك الوقت أيقونة وادي السيليكون بوصفها شركة ناشئة مشاكسة تقدم طريقة مبتكرة للبحث في شبكة الإنترنت الناشئة. لقد انتهت جوجل هذه منذ فترة طويلة".
كما انضمت عشرات الولايات الأمريكية، وعلى رأسها كولورادو، إلى المعركة. رغم أن القاضي رفض بعض حججهم قبل المحاكمة، بما في ذلك اتهام جوجل بإلغاء تصنيف المواقع بشكل غير قانوني مثل "يلب" و"إكسبيديا".
ويمثل محرك البحث 90 في المائة من هذه السوق في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، ولا سيما بفضل عمليات البحث على الهواتف الذكية، خاصة أجهزة "آيفون" من شركة "أبل" والهواتف التي تعمل بنظام "أندرويد" من شركة جوجل.
وتمثل الإيرادات من الإعلانات المستندة إلى نتائج البحث ما يقرب من 60 في المائة من إيرادات المجموعة، متفوقة بفارق كبير عن فروعها الأخرى، من "يوتيوب" إلى "أندرويد".
ولم يتمكن منافسوها، مثل "بينج" من شركة "مايكروسوفت" و"داك داك جو"، من اكتساب مثل هذا القدر الكبير من الاهتمام.
وتواجه جوجل خطرا كبيرا في حال حكم أميت ميهتا القاضي الفيدرالي في غضون بضعة أشهر لمصلحة حكومة الولايات المتحدة، حيث إن الشركة العملاقة في مجال محركات البحث عبر الإنترنت ستكون مضطرة إلى الانفصال عن أنشطة معينة لإجبارها على تغيير أساليبها.
وفي أوروبا، تم تغريمها بالفعل بأكثر من 8.2 مليار يورو بسبب انتهاكات مختلفة لقانون المنافسة، رغم أن بعض هذه القرارات لا تزال قيد الاستئناف.
والأخطار كبيرة أيضا بالنسبة إلى حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن. تم إطلاق الدعاوى القضائية عام 2020 من قبل إدارة الرئيس دونالد ترمب، لكن الرئيس الديمقراطي حرص على تحدي عمالقة التكنولوجيا، دون تأثير كبير حتى الآن. وفي يوليو، علقت هيئة المنافسة الأمريكية FTC إجراءاتها لمنع استحواذ شركة مايكروسوفت على شركة نشر ألعاب الفيديو Activision Blizzard، بعد سلسلة من الانتكاسات القانونية.
وقال جون لوباتكا، أستاذ القانون في كلية الحقوق في ولاية بنسلفانيا، "مهما كان الحكم الذي سيصدره القضاء، فإن الأمر لن ينتهي حتى يتم الاستئناف".
وأضاف "لذلك يجب على أولئك الذين يريدون تنظيم التكنولوجيا ألا ييأسوا إذا خسرت الحكومة هذه الجولة. لكنها ستكون هزيمة كبيرة".
وفي يناير، قدمت وزارة العدل الأمريكية شكوى أخرى ضد جوجل بشأن أعمالها الإعلانية. ومن الممكن أن تجرى المحاكمة العام المقبل.