Author

الاقتصاد السعودي .. نظرة متفائلة

|

تقرير صندوق النقد الدولي بدا متفائلا تجاه الاقتصاد الوطني من مختلف الجوانب المتعلقة بالاقتصاد. وأسهمت رؤية المملكة 2030 ليس في إحداث نقلة نوعية لاقتصاد سعودي مستدام فحسب، بل في اتضاح الرؤية لدى كل من يتابع ويعمل ويراجع الاقتصاد السعودي، فقد كان التقرير مليئا بالتفاؤل وإشادة بالإجراءات وإبرازا للنتائج بما في ذلك مسائل شائكة يعانيها العالم اليوم بما في ذلك مسألة البطالة والتضخم والمحافظة على سعر الصرف في ظل التقلبات التي يشهدها العالم في ظل رفع مستمر لأسعار الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي والتقلبات التي تحصل حاليا في أسعار العملات، ما أدى إلى تضاعف أثر التضخم الذي يعيشه العالم حاليا.
كما أنه رغم التقلبات في أسعار مختلف السلع وأسعار الغذاء والمعادن وغيرها إلا أن المملكة وإسهامها في إدارة ملف الطاقة أسهم في استقرار الأسعار والقدرة على تلبية الطلب العالمي رغم الأزمات السياسية التي تشهدها بعض الدول المصدرة للنفط، وملف البطالة كان لافتا في التقري، إذ أشار إلى وصوله لأدنى مستوياته تاريخيا بعد الجائحة وانخفاض معدلات البطالة بين الشباب، ما يعني توليدا مستمرا للوظائف وارتفاع مشاركة المرأة في نسبة الوظائف بنسبة 36 في المائة، متجاوزة بذلك المستهدف في 2030 الذي كان عند نسبة 30 في المائة، كما أشار إلى قوة الاقتصاد وتوليده الوظائف وعندما تحدث عن توليد الوظائف للقوى العاملة حتى من الوافدين والبارز هنا أنه يركز عملهم في قطاعي البناء والزراعة، وهذان القطاعين لا تفضل القوى العاملة الوطنية شغلهما حاليا، ما يعني أن الوظائف في القطاعات الأخرى تميل إلى أن تكون الوظائف فيها في زيادة من القوى العاملة الوطنية.
إشادة التقرير بالاقتصاد الوطني واضحة وتميل إلى أن اقتصاد المملكة يعد من الاقتصادات القليلة التي استطاعت التغلب على الأزمة التي مر بها العالم بعد الجائحة، واحدة من أهم نتائج التقرير ما يتعلق بالنظام المصرفي في المملكة الذي جاء فيه: "ولا يزال الجهاز المصرفي على مسار قوي، وتتسم نسبة كفاية رأس المال الإجمالية بأنها قوية، ومستوى الربحية مرتفع ويتجاوز مستويات ما قبل الجائحة، كما أن نسبة القروض المتعثرة منخفضة وآخذة في التراجع. وبينما تراجع نمو الرهون العقارية أخيرا، لا يزال الطلب على القروض المرتبطة بالمشاريع والقروض الاستهلاكية قويا، وهو ما يساعد على موازنة التأثير على الربحية الناجم عن تكاليف التمويل المتزايدة المرتبطة بارتفاع أسعار الفائدة وزيادة حصة الودائع لأجل والودائع الادخارية في التزامات البنوك".
التحديات التي تواجه القطاع المصرفي كبيرة حاليا على أساس كثرة التعثرات بسبب الرفع المستثمر لأسعار الفائدة ما ضغط على كثير من الشركات خصوصا مع التضخم الذي زادت معه تكلفة أجور العاملين والمنتجات الأساسية والتمويل الذي حصلت عليه الشركات سابقا وبدأ في الارتفاع، وهذا الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية، بل معظم دول العالم وأدى ذلك إلى ضغط على القطاع المصرفي وحصول الإفلاس لمجموعة من البنوك حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحقيق جزء آخر لخسائر كبيرة نظرا للتعثرات، والأمر الآخر ارتفاع تكلفة الحصول على السيولة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة الإقراض بين البنوك.
إلا أن التقرير أشار إلى أن القطاع المصرفي لا يزال قويا في المملكة والبنوك حاليا تحقق عوائد ونموا جيدا، وذلك رغم التوسع الآلي في التراخيص الخاص بالبنوك الأجنبية والشركات المالية ووجود أدوات مثل الصكوك الإسلامية التي يمكن أن تكون بديلا للحصول على التمويل. وكفاءة القطاع المصرفي مؤشر قوي على صحة الاقتصاد إذ إنه شريان الحركة الاقتصادية، ويربط بين الأنشطة المختلفة بما في ذلك القطاع الاستثماري والاستهلاكي والصناعي والزراعي والخدمات اللوجستية، وانخفاض نسبة التعثر مؤشر على قوة الاقتصاد وقدرته على امتصاص الأزمات والمرونة في تقديم الحلول التي تقلل احتمال تعثر الأنشطة الاقتصادية.
الخلاصة: إن تقرير صندوق النقد الدولي جاء مؤشرا من طرف مستقل على سلامة مسار وبرامج رؤية المملكة 2030 وقدرتها على إحداث تحول كبير للاقتصاد من الاعتماد على مصدر واحد وهو النفط إلى تعدد مصادر الدخل رغم صعوبة ذلك وتعقيداته والمنافسة الكبيرة فيه عالميا، وتقرير الميزانية يشير إلى نمو جيد في القطاع غير النفطي يتجاوز 6 في المائة، مقارنة بنمو ضعيف نسبيا للقطاع النفطي بنسبة تتجاوز 1 في المائة بقليل.

إنشرها