أي طريق إلى طاولة مجلس الإدارة سيسلك الجيل القادم؟

أي طريق إلى طاولة مجلس الإدارة سيسلك الجيل القادم؟

بعد 20 عاما من العمل في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، انضمت روبال باتيل إلى شركة التكنولوجيا المالية، أسين لتحليل المخاطر، في 2019. ومنذ أن بدأت عملها، التقت بأعضاء مجلس الإدارة والمستشارين، وهم كالعادة كبار في السن خاضوا حياة الشركات ممن كانوا في مسارات تشبه مسارها ويشغلون الآن مناصب متعددة تتضمن مقاعد في عدة مجالس إدارة. هم يديرون وقتهم، ويؤدون أعمالا متنوعة ومثيرة للاهتمام، ويقدمون مشورة استراتيجية دون ضغوط منصب تنفيذي. قالت: "يبدو هذا اقتراحا ملائما لي على المدى الطويل".
لكن سرعان ما أدركت باتيل أن شغل أول مقعد لها في مجلس الإدارة سيكون أمرا صعبا، كونها امرأة تبلغ 44 عاما من أصل هندي، الظروف ضدها. قالت إن عالم المديرين غير التنفيذيين هو "دائرة مغلقة من المعارف. أنت حقا بحاجة إلى خبرة وشبكة اجتماعية واسعة."
بدلا من الاشتراك في برنامج تعليمي يعلم الجوانب النظرية للحياة في قاعة الاجتماعات، أرادت باتيل خبرة عملية. تواصلت مع هيذر وايت، وسيطة تساعد المديرين التنفيذيين على شق طريقهم إلى أول منصب مدير غير تنفيذي لهم بتسهيل تدريب مهني في مجلس الإدارة. مقابل رسوم قدرها 7800 جنيه استرليني، تجري وايت مقابلات مع المرشحين وتربطهم بمجلس إدارة مضيف لمدة 12 شهرا ليراقبوا الوضع فيه. رئيس الشركة يرشدهم، لكن يتم توكيل مدرب أيضا يساعدهم على الخوض في علاقات مجلس الإدارة وقراراته. (يوقع الجميع اتفاقيات عدم الإفصاح).
في المملكة المتحدة، لا يزال التدريب المهني في مجالس الإدارة فكرة ناشئة، والبيانات عن عدد الذين يتحولون إلى منصب مدير غير تنفيذي شحيحة، لكن الطلب آخذ في الارتفاع، حسبما قالت وايت.
قالت: "يبحث كثير من المديرين التنفيذيين -ذكورا وإناثا- عن مناصب في مجالس الإدارة، لكنهم لا يحصلون عليها. أما للمرشحين، فتوفر برامج كهذه نظرة عما يترتب على مقعد في مجلس إدارة الشركة من مهام، ووسيلة لتعزيز سيرهم الذاتية.
أما للشركات، فقد تكون هذه البرامج أداة مفيدة للعثور على مجموعة أكثر تنوعا من قادة المستقبل وتدريبها، وفرصة لجلب المتخصصين -من التسويق إلى الامتثال- فترة قصيرة. وهي أيضا فرصة "للتجربة قبل الشراء"، وفقا لرئيس أحد مجالس الإدارة التي استضافت متدربا قبل تعيينه في منصب مدير غير تنفيذي.
قالت وايت: "تريد مجالس الإدارة تنوعا أكثر في المديرين غير التنفيذيين، لكنها لا تجد أشخاصا يتمتعون بخبرة ذات صلة".
لقد كان التنوع في مجالس الإدارة موضع اهتمام، حيث تساءلت الشركات الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة على خصوصا عما إذا كانت القوى العاملة وفرق القيادة لديها تمثل المجتمع حقا. الحقيقة هي أن معظم مجالس الإدارة تمتلئ بأغلبية ساحقة من رجال بيض كبار من أبناء الطبقة المتوسطة الذين وصلوا في الأغلب إلى قمة مهنهم باعتلائهم منصب مدير تنفيذي ولهم خبرة واسعة في الشركات.
قال مارك فريبيرن، رئيس ممارسات مجلس الإدارة في شركة أودجرز بيرندتسون لاستقطاب الكفاءات: "هناك جدل طويل حول ما إذا يجب أن نترك الخبرة ونستبدلها بالمواهب والمهارات، ما يسمح لمزيد من المديرين التنفيذيين بأن يصبحوا مديرين غير تنفيذيين، لكن بعدها يوجد سؤال، كيف ننمي القدرة؟".
مجالس إدارة الشركات المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز 100 و250، التي تخضع لأكبر قدر من التدقيق من جانب المساهمين ووسائل الإعلام، ترفض عادة إدخال غرباء بصفتهم مراقبين مؤقتين لأسباب تتعلق بالسرية، بدلا من هذا، تركز الشركات على تنمية مديريها التنفيذيين وتنويعهم، كما تدرك احتمالية توجيه اتهامات لها بـ"التنويع الصوري".
قالت سوزي كامينجز، مؤسسة نيورول، وهي منصة للتوظيف في مجالس الإدارة: "التدريب المهني رائع إذا كان بإمكانك الحصول عليه. الصعب هو أخذ موافقة من مجالس الإدارة لقبول ضم متدرب لها".
يمكن للشركات الصغيرة أن تكون أكثر تقبلا لهذا المفهوم كما شرعت الحكومة البريطانية في مبادرتها.
انضمت باتيل إلى شركة زينيتيك لتطوير البرمجيات والخدمات الهندسية. هي لا تملك حقوقا قانونية أو حق التصويت لكن يمكنها الاطلاع على أوراق مجلس الإدارة والإسهام في المناقشات الشهرية. قالت باتيل: "عليك أن تكون استباقيا للغاية. لن يأتي أحد إليك. هذه فرصة للتعلم والتواصل وبناء العلاقات".
توجد طريقة بديلة واضحة لجلب أصوات جديدة إلى مجلس الإدارة تتمثل في معالجة مسألة التنوع في اللجان التنفيذية. من شأن هذه أن تعزز، مثلا، مجموعة المرشحات الإناث أو غير البيض من ذوي الخبرة لمجالس الإدارة وتبديد الخوف الذي يشعر به كثير منهم من أن يكون تعيينهم جزءا من ممارسة تلبية متطلبات التنويع دون الإيمان بجدواه.
لكن لا يوجد ما يضمن أن التحولات الديموغرافية ستأخذ مجراها طبيعيا، وفقا لموني مانينجز، مديرة غير تنفيذية في شركات من بينها إيزي جيت وكازو وهارجريفز لانسداون. وهي المؤسسة لإيبوك، شبكة غير ربحية تركز على ضم مزيد من أصحاب البشرة الملونة إلى مجالس الإدارة. قالت: "ليس لدينا ميثاق ولا نجعل الناس متعلقين بوعود كبيرة. ليس لدينا أهداف، لكننا نطلب من الشركات فعل أشياء. أفسحوا مجالا حول طاولتكم".
من المقرر أن تبدأ شبكة إيبوك برنامجها للتدريب المهني في مجالس الإدارة -أو "الزمالة"- حيث تحدد فيه الشركات موظفين من ذوي الأداء العالي من أقليات عرقية داخل مؤسساتهم، أدنى بمستوى أو مستويين من اللجنة التنفيذية، ليكونوا مراقبين في مجالس إدارة شركة أخرى مشاركة في البرنامج لـ18 شهرا. قالت مانينجز: إن الهدف هو إنشاء "دائرة حميدة"، حيث تساعد مناصب مجلس الإدارة أيضا على تعزيز الأفراد في وظائفهم اليومية. قالت: "هذا يساعد على تقوية مسيرتك المهنية في المناصب التنفيذية. إن فتح المجال هو ما نحتاج إليه".
نيكولينا أندال، محامية كانت متدربة في مجلس إدارة بنك ألدرمور في المملكة المتحدة، تشغل مقعدا في مجالس إدارة مؤسسات عامة عديدة، بما فيها عضوة لجنة مستقلة في وزارة العدل. أندال جزء من لجان مختلفة تقيم كبار المرشحين وتوصي بهم لشغل مناصب مديرين والمناصب القضائية. تعترف أندال بالحواجز الموجودة، ولا سيما في مجالس إدارة الشركات المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز، لكنها قالت إن الانضمام إلى مجالس الإدارة في أماكن أخرى أسهل، مثل الجمعيات الخيرية. ينبع جزء من المشكلة من عدم تقديم الأشخاص من خلفيات متنوعة أنفسهم. قالت: "هناك نقص في المعرفة حول المناصب الموجودة وما يمكن للفرد تحقيقه. إنهم فقط لا يعرفون عن هذه الأشياء ولا يعرفون أن الباب مفتوح".
هناك سبل أخرى مفتوحة لاكتساب الخبرة على مستوى مجلس الإدارة. فالدورات والدبلومات، من بينها تلك التي يقدمها معهد حوكمة الشركات، ومعهد المديرين، وصحيفة فاينانشيال تايمز، تغطي جوانب الحوكمة والإدارة والتمويل والاستراتيجية للمرشحين الذين يسعون إلى مقاعد في مجالس الإدارة.
تعد مجالس إدارة الظل أو مجالس المبتدئين أو الجيل القادم داخل الشركات -الموجودة في العلامة التجارية الفاخرة جوتشي إلى شركة أوليفر وايمان للاستشارات- طريقة أخرى سعت إليها الشركات لمعالجة مسألة المواهب مقابل الخبرة. هذه المجالس، التي تمتلئ في الأغلب بأصوات الشباب أو التي لا تمثل المجتمع كاملا، تقدم رؤية وملاحظات وأفكارا إلى المجلس الرئيس. قال أحد المديرين في شركة تضم مجلس إدارة مبتدئين: إنه من المفيد الاستماع إلى آراء الزملاء الأصغر، وهذا ساعد في توظيف الأكفاء.
قالت إيلي دوهان، مدربة تنفيذية ومرشدة أعضاء مجالس الإدارة الذين عينوا لأول مرة: "كل هذه المبادرات تشبه الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية. تبدأ بأوزان ثلاثة كيلوجرامات ثم تزيدها إلى خمسة وعشرة كيلوجرامات وأكثر، ببناء العضلات يمكنك أن تبني تلك الثقة".
لكن مستشارة لمجلس إدارة قالت: إن عدد المبادرات التي ستنجح فعلا غير واضح. التقت المستشارة بنساء "تخلت عنهن" الشركات بمجرد انتهاء برامج التدريب المهني. وقالت: "لم تضمن كثيرات منهن منصبا في مجلس إدارة".
من ناحية أخرى، أكد مدير غير تنفيذي في عدة شركات على مؤشر فوتسي أن سجلا حافلا بمناصب تنفيذية لا يزال هو الأمر الأهم. قال: "الأمر لا يتعلق فقط بالسيرة الذاتية الرائعة ومجموعة المهارات، بل بملكة التقدير لديهم في سيناريوهات مختلفة. أولئك الذين يريدون تقلد المنصب ودفع أنفسهم إلى الأمام ليسوا بالضرورة الأمهر. إن الذين تريدهم حقا في مجالس الإدارة العليا هم الناجحون جدا والمنهمكون جدا في مهنهم، الذين يخلفون التأثير الأكبر بصفتهم مديرين تنفيذيين".
وحتى جوردون ويلسون، رئيس "زينيتيك"، التي استضافت باتيل، حذر قائلا: "هذا ليس حلا سحريا... مجرد أن الأفراد كانوا مراقبين لا يعني أنهم مؤهلون للاضطلاع بدور مدير غير تنفيذي. إن معظم المديرين غير التنفيذيين الجيدين هم أشخاص كانوا رؤساء تنفيذيين أو مديرين ماليين أو من كبار المسؤولين التنفيذيين في إحدى الشركات".

سمات

الأكثر قراءة