صفقة القرن تجعل "يو بي إس" بنك أوروبا الثاني

صفقة القرن تجعل "يو بي إس" بنك أوروبا الثاني

كان كبار مديري بنك يو بي إس متشككين عندما أجبروا على إنقاذ منافسهم المبتلى بالفضائح، بنك كريدي سويس. وبعد مرور خمسة أشهر، جعلت الصفقة البنك ثاني أكبر بنك في أوروبا من حيث القيمة.
قال بنك يو بي إس الخميس: إن عملية الاستحواذ التي رعتها الدولة قد حققت مكاسب قدرها 29 مليار دولار، وهو ربح ربع سنوي قياسي بالنسبة إلى أي بنك. وأكد الرئيس التنفيذي سيرجيو إيرموتي أيضا أن بنك يو بي إس سيتعين عليه أن يحتفظ "بجوهرة تاج" منافسه – البنك الاستهلاكي المحلي – بينما ينتقي أيضا الأصول، والعملاء والموظفين الأكثر جاذبية من أقسام البنك الاستثماري وإدارة الثروات.
ارتفع السهم إلى أعلى مستوى له منذ الأزمة المالية في 2008، مواصلا ارتفاعه 31 في المائة هذا العام. وهذا يعني أن القيمة السوقية لبنك يو بي إس قفزت على قيمة بنك بي إن بي باريبا – ليحتل المركز الثاني في أوروبا بعد بنك إتش إس بي سي – وتفوق على قيمة بنك سيتي جروب المقرض الأمريكي.
أخبر إرموتي المحللين: "ستكون عملية الاستحواذ على بنك كريدي سويس بمنزلة عامل تسريع لخططنا".
منذ أن تم إبرام عملية الاندماج خلال عطلة نهاية أسبوع محمومة في مارس، تغلب كولم كيليهر وإيرموتي رئيس بنك يو بي إس، على المخاوف السياسية بشأن مركزه المهيمن في السوق – تفوق أصول البنك المشتركة البالغة 1.7 تريليون دولار الناتج المحلي الإجمالي السويسري – خاصة عبر الخروج من تسهيلات الدعم الحكومية الممولة من دافعي الضرائب في وقت مبكر.
يواجه البنكان الآن المهمة الصعبة المتمثلة في دمج الشركات وتوحيد العمليات ومطابقة التوقعات لما يبدو أنها واحدة من أكبر الاتفاقيات الإيجابية في التاريخ المالي.
قال أندرياس فينديتي، المحلل في بنك فونتوبيل: "إن دمج الموظفين الرئيسين، والاحتفاظ بالعملاء وترحيلهم إلى أنظمته الخاصة، وحل مشكلات التقاضي لبنك كريدي سويس (...) ستتطلب وقتا كبيرا واهتماما إداريا".
مع أن إلغاء ضمانات الدولة أدى إلى تثبيط الاعتراضات السياسية، إلا أن المكاسب القياسية التي حققها بنك يو بي إس أثارت ردود فعل غاضبة في سويسرا، التي ستجري انتخابات عامة في أكتوبر.
قال سيدريك فيرموث، الرئيس المشارك لثاني أكبر كتلة سياسية في سويسرا، الحزب الديمقراطي الاجتماعي: "إن أرقام بنك يو بي إس صادمة جدا". وقال إن عملية الاستحواذ كانت بمنزلة "صفقة القرن"، وأنها جاءت على حساب الشعب السويسري.
المكاسب المحسوبة البالغة 29 مليار دولار من عملية الاستحواذ على بنك كريدي سويس – المعروفة باسم الشهرة السلبية – تظهر إلى حد كبير حقيقة أن الثمن المدفوع لبنك كريدي سويس – 3.4 مليار دولار – بلغ 6 في المائة فقط من قيمته الدفترية الملموسة.
أعلن بنك يو بي إس أيضا أن دمج وحدة التجزئة المحلية التابعة لبنك كريدي سويس سيجعل ثلاثة آلاف موظف في سويسرا زائدين عن الحاجة في الأعوام المقبلة. ومن المتوقع أن يتبع ذلك تخفيضات أعمق في الوظائف من القوى العاملة في المجموعة التي يزيد عددها عن 100 ألف، لكن المديرين التنفيذيين يلتزمون الصمت بشأن خططهم لتجنب مزيد من الجدل.
قال ويرموث: "لا يجب أن يكون الأمر كذلك في النهاية، فموظفو الاستقبال هم الذين يدفعون ثمن السلوك غير المسؤول لرؤسائهم".
ومن المتوقع الآن أن يستغرق استيعاب بنك كريدي سويس ما يصل إلى ثلاثة أعوام – وهي أقل من الأعوام الأربعة التي أشار إليها بنك يو بي إس في البداية. كان بعض المحللين يخشون عندما تم الاتفاق على الصفقة، أن تعرقل طموحات بنك يو بي إس على المدى الطويل لتنمية أعماله في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والولايات المتحدة، حيث يتخلف عن بنك مورجان ستانلي، أكبر مدير للثروات في العالم، من حيث الحصة السوقية.
لكن في بعض المجالات، ستؤدي الصفقة في النهاية إلى مساعدة بنك يو بي إس على تنمية بصمته العالمية، ليس أقلها في إدارة الأصول والخدمات المصرفية الاستثمارية، حيث بدأ المسؤولون التنفيذيون في التدقيق في خطوط أعمال بنك كريدي سويس لتحديد أي منها سيتم منحه الأولوية وأيها سيتم تقليصه.
قال بنك يو بي إس الخميس إنه سيحتفظ بتسعة مليارات دولار من الأصول المرجحة بالمخاطر من البنك الاستثماري المنافس المتوقف، مع تخصيص المبلغ المتبقي البالغ 17 مليار دولار لوحدة "بنك الأصول الرديئة" الجديدة، المعروفة باسم العمليات غير الأساسية عالية المخاطر.
قال إيرموتي: "سنعزز مكانتنا باعتبارنا مدير الثروات العالمي الوحيد الحقيقي وباعتبارنا البنك السويسري العالمي الرائد، بإدارة أصول موسعة وبنك استثماري مركز".
أضاف أن بنك يو بي إس كان يستثمر في ذراعه لإدارة الثروات ويقدم حوافز للمستشارين في محاولة لاستعادة أكثر من 200 مليار دولار من الأصول التي سحبها عملاء بنك كريدي سويس من البنك في عامه الأخير.
قال: "لن يكون الأمر سهلا، لكن استعادة أكبر قدر ممكن هي إحدى أهم أولوياتنا".
قال بنك يو بي إس إن الأموال بدأت بالفعل في العودة، مع صافي أصول جديدة لإدارة الثروات بقيمة ثمانية مليارات دولار في شهري يوليو وأغسطس عبر المجموعة.
وقد ساعد هذا الاتجاه حملة الأسهم على أن يصبحوا أكثر تفاؤلا بشأن عملية الاستحواذ، حتى لو ظل البعض متشككا.
قال أليساندرو روكاتي، المحلل في موديز لخدمات المستثمرين: "رغم التقدم المحرز في توضيح كثير من جوانب التنفيذ المخطط له والتكامل، فإن مخاطر التنفيذ في الصفقة ستظل مرتفعة نظرا لاتساع نطاقها وتعقيدها".
يراهن إيرموتي وتود توكنر، المدير المالي لبنك يو بي إس الذي تم تعيينه أخيرا، على مزيد من التعزيز في الأشهر المقبلة عندما يتمكنان من تقديم مزيد من التفاصيل حول موعد إحياء البنك برنامج إعادة شراء الأسهم الذي تم إيقافه مؤقتا بسبب عملية الاستحواذ.
قال أندرو كومبس، المحلل في بنك سيتي، إن نسبة الأسهم العادية من المستوى الأول الأفضل من المتوقع لدى بنك يو بي إس البالغة 14.4 في المائة، وهو مقياس رئيس لقوة رأس مال المقرض في استيعاب الخسائر، كانت خبرا جيدا لعوائد المساهمين.
قال: "يبدو أن هذا يشير إلى أن عمليات إعادة الشراء قد تبدأ في وقت أبكر بكثير مما كان متوقعا في الأصل، إضافة إلى الخطط المعلنة لزيادة توزيعات الأرباح". وأضاف أن عمليات إعادة شراء الأسهم قد تستأنف في النصف الأول من العام المقبل.
قضى كيليهر، رئيس بنك يو بي إس، معظم العام الماضي في العمل مع رالف هامرز، سلف إيرموتي، في محاولة لإقناع كبار مديري الصناديق النشطة في الولايات المتحدة بأن يصبحوا مساهمين كبار في المجموعة، في الوقت الذي حاولا فيه جذب مستوى المستثمرين نفسه مثل أقرانهم في وول ستريت.
يحاول رئيس بنك يو بي إس سد فجوة التقييم مع أمثال بنك جيه بي مورجان – المصرف الأمريكي الأعلى قيمة – وبنك مورجان ستانلي، الذي قضى فيه كيليهر معظم حياته المهنية.
لكن القيام بذلك سيكون مهمة شاقة. فسعر بنك يو بي إس إلى القيمة الدفترية الملموسة – وهو مقياس العلاوة التي يضعها المستثمرون على المجموعة – البالغ 1، يقل قليلا عن نصف سعر بنك مورجان ستانلي.
لن يحتاج المساهمون المحتملون إلى رؤية الأدلة التي تشير إلى أن صفقة بنك كريدي سويس من شأنها أن تعزز أداء البنك ومكانته في السوق فحسب، بل سيحتاجون أيضا إلى أن يتجنب بنك يو بي إس العثرات الثقافية والتشغيلية التي تترتب على تنظيم عملية اندماج معقدة.
قال جيروم ليجراس، الشريك الإداري ورئيس قسم الأبحاث في شركة أكسيوم ألتيرناتيف إنفستمنت: "لا تزال الأرقام فوضوية بشكل لا يصدق. في الوقت الحالي، من الصعب جدا قراءة جميع الأجزاء".

سمات

الأكثر قراءة