تكنولوجيا التعرف على الوجه .. تخبط بين السلامة والخصوصية

تكنولوجيا التعرف على الوجه .. تخبط بين السلامة والخصوصية

تتطلع وزارة الداخلية في المملكة المتحدة إلى زيادة استخدامها لتكنولوجيات التعرف على الوجه المثيرة للجدل لتعقب المجرمين والعثور عليهم ضمن عمل الشرطة وغيرها من الأجهزة الأمنية.
في وثيقة صدرت الأسبوع الماضي، حددت الحكومة طموحاتها باحتمال استخدام أنظمة جديدة تحقق من الهوية على المستوى الوطني خلال الـ 12 إلى 18 شهرا المقبلة.
تأتي هذه الخطوة بعد أن انتقد نشطاء للخصوصية وأكاديميون مستقلون هذه التكنولوجيا لكونها غير دقيقة ومتحيزة، خاصة ضد الأشخاص ذوي البشرة الداكنة، وقد دعا النواب في السابق إلى وقف استخدامها على عامة السكان إلى أن يسن البرلمان قوانين واضحة.
تدعو الحكومة الشركات إلى تقديم طلبات تعرض فيها تكنولوجيات "يمكنها تحديد الهوية باستخدام ملامح الوجه والمعالم"، بما في ذلك التعرف المباشر على الوجه الذي يتضمن فحص عامة الناس بحثا عن أفراد محددين على قوائم مراقبة الشرطة.
تؤكد وزارة الداخلية، خاصة، على اهتمامها بتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي الجديدة التي يمكنها معالجة بيانات الوجه بكفاءة لتحديد هوية الأفراد، والبرمجيات التي يمكن دمجها مع التكنولوجيات الحالية التي تستخدمها الوزارة ومع كاميرات أنظمة المراقبة بالفيديو.
استخدمت شرطة جنوب ويلز وشرطة مدينة لندن برمجية التعرف على الوجه على مدى الأعوام الخمسة الماضية عبر تجارب متعددة في الأماكن العامة بما في ذلك مراكز التسوق، خلال فعاليات مثل كرنفال نوتنج هيل، وأخيرا، أثناء تتويج الملك.
كشفت "فاينانشيال تايمز" أن مالكي محطة كينجز كروس الخاصين في لندن كانوا يستخدمون تكنولوجيا التعرف على الوجه على عامة الناس، ويبحثون عن مثيري الشغب المعروفين ويشاركون البيانات مع شرطة المدينة. لكن توقفوا منذ ذلك الحين عن استخدام هذه التكنولوجيا.
في المقابل، يتجه البرلمان الأوروبي نحو حظر استخدام برمجيات التعرف على الوجه التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في الأماكن العامة من خلال قانون الذكاء الاصطناعي.
يدور حاليا نقاش واسع النطاق حول ما إذا كان هناك أي أساس قانوني لاستخدام التعرف المباشر على الوجه على عامة السكان، وما إذا كان الاستخدام الشامل للتكنولوجيا يقوض حقوق المواطنين بشكل أساسي.
في المملكة المتحدة، قوات الشرطة ليست وحدها في اعتماد هذه التكنولوجيا – فقد بدأت المدارس وتجار التجزئة في القطاع الخاص، مثل سثرين كو-أوب وجيه ساينسبوري، في استخدامها.
حكم قضاة محكمة الاستئناف 2020 بأن استخدام شرطة جنوب ويلز سابقا لبرمجيات التعرف على الوجه كان غير قانوني، رغم استمرار الشرطة في استخدام التكنولوجيا. وفي وقت صدور الحكم، قالت شرطة جنوب ويلز إنها ستولي نتائج المحكمة "اهتماما جديا" وإن سياساتها قد تطورت منذ ذلك الحين.
في الشهر الماضي، أعلنت شرطة العاصمة أنها أجرت مراجعة لفاعلية التكنولوجيا ولم تجد "أي تحيز ذي دلالة إحصائية فيما يتعلق بالعرق والجنس، وفرصة وجود تطابق خاطئ هي واحدة فقط من بين كل ستة آلاف شخص يمرون أمام الكاميرا".
قالت ستيفاني هير، وهي باحثة مستقلة في تكنولوجيات التعرف على الوجه وعالمة في أخلاقيات التكنولوجيا: "ينبغي أن يكون هناك إطار تشريعي مناسب، ولا أعتقد أنه ينبغي استخدامه حتى نحصل على هذا اليقين. ما لا يعجبني هو النسخة الصينية من الاستخدام العام للتعرف المباشر على الوجه. علينا أن نضع حواجز حماية ولوائح تنظيمية حولها".
تدير منظمة تسريع الدفاع والأمن، هيئة تابعة لوزارة الدفاع، عملية تقديم الطلبات لوزارة الداخلية.
وقالت إن تكنولوجيا التعرف على الوجه يتم استخدامها بالفعل بعدة طرق فيما يخص الشرطة والأمن في المملكة المتحدة "لمنع الجرائم وكشفها، وتعزيز الأمن، والعثور على المجرمين المطلوبين" من بين أمور أخرى، وإن استخدام التكنولوجيا على نطاق أوسع كان "أولوية" بالنسبة إلى وزارة الداخلية.
في العام الماضي، وجدت مراجعة قانونية مستقلة أجراها المحامي ونائب عمدة لندن السابق ماثيو رايدر "حاجة ملحة" لتشريع جديد يخص تكنولوجيا التعرف المباشر على الوجه، بعد أن وجد تحليل للقوانين الحالية من خلال حقوق الإنسان والخصوصية والمساواة أنها غير كافية. كما خلص التقرير إلى ضرورة فرض حظر على تكنولوجيا التعرف على الوجه المباشر – المراقبة المباشرة للناس في الأماكن العامة والخاصة.
مع ذلك، قال بول تايلور، كبير المستشارين العلميين للشرطة الوطنية، إنه "يدعم بقوة" تطوير تكنولوجيا التعرف على الوجه وتنفيذها في إطار إنفاذ القانون "ويشعر أن إمكاناتها مشجعة".
"عبر إنشاء أطر حوكمة قوية، وتنفيذ بروتوكولات صارمة لحماية البيانات، وضمان الشفافية والمساءلة، يمكننا تحقيق التوازن الصحيح بين السلامة العامة وحقوق الخصوصية الفردية"، كما قال.

سمات

الأكثر قراءة