بكين تحذر واشنطن: تسييس القضايا التجارية كارثي على الاقتصاد العالمي

 بكين تحذر واشنطن: تسييس القضايا التجارية كارثي على الاقتصاد العالمي

حذر رئيس الوزراء الصيني المسؤولين الأمريكيين أمس من أن السعي لـ"تسييس" القضايا التجارية سيكون "كارثيا" بالنسبة للاقتصاد العالمي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.
تقوم جينا ريموندو وزيرة التجارة الأمريكية بزيارة إلى الصين مدتها أربعة أيام على أمل تخفيف حدة التوتر بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
لكن لدى لقائها رئيس الوزراء لي تشاينج طرح الأخير مسألة القيود التجارية الأمريكية المفروضة على بكين، التي تصر واشنطن على أنها ضرورية من أجل أمنها القومي فيما ترى الصين أن هدفها عرقلة نهوضها الاقتصادي.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" عن لي قوله للوزيرة الأمريكية: إن "تسييس مسائل اقتصادية وتجارية وتوسيع نطاق مفهوم الأمن بشكل كبير يؤثر بشكل خطير على العلاقات الثنائية والثقة المتبادلة".
وأضاف أن ذلك "يقوض أيضا مصالح الشركات وشعبي البلدين وسيترك أثرا كارثيا على الاقتصاد العالمي".
تدهورت العلاقة بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ عقود فيما تتصدر مسألة القيود التجارية الأمريكية قائمة الخلافات.
وأصدر بايدن هذا الشهر أمرا تنفيذيا يهدف إلى فرض قيود على استثمارات أمريكية محددة في مجالات التكنولوجيا المتطورة الحساسة في الصين، في خطوة نددت بها بكين بوصفها "مناهضة للعولمة".
وتستهدف القواعد المتوقعة منذ مدة طويلة التي ستطبق العام المقبل في الأغلب، قطاعات مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي.
حض لي الولايات المتحدة أمس على تغيير سياستها، مشيرا إلى أن "على الطرفين تعزيز التعاون الثنائي الذي يأتي بمنفعة متبادلة وتخفيف حدة التوتر والمواجهة ودعم التعافي الاقتصادي العالمي بشكل مشترك والتعامل مع التحديات العالمية"، بحسب ما نقلته "الفرنسية".
وبينما استغل لي اللقاء لإدانة السياسية الأمريكية، شددت ريموندو من جانبها على أهمية التواصل بشكل منفتح بين القوتين.
ونوهت الوزيرة إلى قضايا "تثير القلق عالميا" مثل التغير المناخي والذكاء الاصطناعي والإدمان على الفينتانيل، فيما أكدت للي بأن واشنطن ترغب "في العمل معكم كقوتين عالميتين للقيام بما يعد صحيحا بالنسبة للبشرية بأكملها".
وأضافت: "يتوقع العالم منا التدخل معا لحل هذه المشكلات".
كما شددت ريموندو على أن الولايات المتحدة لا تسعى لفك ارتباط اقتصادها مع الصين.
وقالت: "نسعى للمحافظة على علاقتنا التجارية البالغة قيمتها 700 مليار دولار مع الصين ونأمل بأن يجلب هذا الشق من العلاقة الاستقرار للعلاقة بمجملها".
في وقت سابق أمس، التقت ريموندو، هي ليفنج نائب رئيس الوزراء الصيني، ووصفت العلاقة الصينية الأمريكية بأنها "من بين الأهم" في العالم.
وقالت في جزء من الاجتماع سمح للصحافيين بحضوره: إن "إدارة هذه العلاقة بشكل مسؤول يعد أمرا حاسما بالنسبة لبلدينا وبالطبع للعالم بأسره".
وشددت على أن الولايات المتحدة "لن تساوم قط في مسألة حماية أمننا القومي"، لكنها أكدت بأن واشنطن لا تسعى "لعرقلة الاقتصاد الصيني".
وتوجهت ريموندو إلى شنغهاي، المركز الاقتصادي الأهم في الصين، أمس قبل أن تغادر البلاد اليوم.
تعد وزيرة التجارة من بين عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين الذين زاروا الصين أخيرا، في إطار مساعي واشنطن لتحسين علاقتها مع أكبر خصم استراتيجي لها.
واستغلت الزيارة لعقد محادثات صريحة مع الصينيين بشأن القيود التجارية.
والتقت الإثنين وانج وينتاو وزير التجارة الصيني، واتفقا على تأسيس مجموعة عمل لتسوية النزاعات التجارية بين البلدين.
واتفقا أيضا على إنشاء ما أطلقت عليه واشنطن "تبادل معلومات متعلقة بإنفاذ مراقبة الصادرات" الذي وصف بأنه منصة "للحد من سوء الفهم لسياسات الأمن القومي الأمريكي".
لكن بكين رسمت صورة أكثر قتامة من تلك الأمريكية، مشيرة إلى أن وانج طرح "المخاوف الجدية" حيال القيود التجارية التي تفرضها واشنطن.
وذكرت وزارة التجارة الصينية أن هذه القيود تشمل "الرسوم الجمركية الأمريكية على البضائع الصينية بموجب المادة 301 والسياسات المرتبطة بأشباه الموصلات والقيود المفروضة على الاستثمار المتبادل والدعم التمييزي والعقوبات على الشركات الصينية".
وتبرر واشنطن السياسات بالقول إنها ضرورية "للتخلص من المخاطر" في سلاسل التوريد الخاصة بها.
لكن وانج حذر من أنها "تتعارض مع قواعد السوق ومبدأ المنافسة المنصفة ولن تؤدي إلا إلى الإضرار بأمن واستقرار سلاسل التوريد والصناعة العالمية".
وخلال الاجتماع مع رئيس الوزراء الصيني، قالت ريموندو إنه يتعين على الصين والولايات المتحدة "تكثيف الجهود" المشتركة لحل قضايا ذات اهتمام عالمي.
وقالت: "هناك مجالات تثير قلقا عالميا، مثل تغير المناخ والذكاء الاصطناعي وأزمة الفنتانيل، حيث نريد العمل معكم كقوتين عالميتين للقيام بما هو صحيح للبشرية" مضيفة أن "العالم يتوقع منا أن نتعاون لحل هذه المشكلات".
وفي بيان أعقب المحادثات الإثنين في بكين بين وانج وينتاو وزير التجارة الصيني ونظيرته الأمريكية جينا ريموندو، نقلت وكالة "شينخوا" عن وانج أنه حض واشنطن على "مطابقة أقوالها بأفعالها".
وأضاف وزير التجارة الصيني أن "الإجراءات الأحادية والحمائية تتعارض مع قواعد السوق ومبدأ المنافسة العادلة، ولن تؤدي إلا إلى الإضرار بأمن سلاسل الإمداد والصناعات العالمية واستقرارها".
وكانت ريموندو التقت في وقت سابق هو هيبينج وزير الثقافة والسياحة الصيني أمس، وشددت على "أهمية التبادلات الشعبية في العلاقات الثنائية الأمريكية-الصينية الأوسع"، على ما قالت وزارة التجارة الأمريكية.
وريموندو هي واحدة من مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى زاروا الصين في الأشهر الأخيرة كجزء من جهود واشنطن لتخفيف الخلافات مع منافستها الاستراتيجية.
وسعت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية لطمأنة المسؤولين الصينيين بشأن القيود المرتقبة خلال زيارة قامت بها لبكين الشهر الماضي، متعهدة أن أي خطوة ستطبق بشكل شفاف.
وفي يونيو، توجه أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي إلى بكين، حيث التقى الرئيس شي جين بينج، ولفت إلى أنه تم تحقيق تقدم في عدد من القضايا الخلافية. كما زار مبعوث المناخ الأمريكي جون كيري الصين في يوليو.

سمات

الأكثر قراءة