فوجل رئيس "بوكينج": نحن لاعب صغير في الصناعة

فوجل رئيس "بوكينج": نحن لاعب صغير في الصناعة

حل الصيف، وجلين فوجل يخطط للذهاب في رحلة. مخطط الرحلة بسيط، سيسافر بالطائرة من الولايات المتحدة إلى أمستردام، ويلتقي زوجته، التي كانت في سياحة في أوروبا، ويقضي عطلة نهاية الأسبوع في بلجيكا. ثم، كما يقول فوجل: "ستعود بالطائرة وسأقضي وقتا ممتعا في بروكسل".
ربما "ممتعا" مزحة. فوجل هو الرئيس التنفيذي لشركة تزويد خدمات السفر العالمية عبر الإنترنت، بوكينج هولدنجز، وأكبر شركة تابعة لها هي "بوكينج دوت كوم"، ولديه أسباب كثيرة متعلقة بالعمل لزيارة العاصمة البلجيكية. تساوم "بوكينج دوت كوم" المفوضية الأوروبية على عملية استحواذ مخطط لها على شركة إيترافلي السويدية لحجز رحلات الطيران عبر الإنترنت. تعارض الشركة خطط المفوضية لتصنيف "بوكينج دوت كوم" على أنها "بوابة محتكرة" لخدمات الإنترنت، الأمر الذي من شأنه أن يخضعها لتشريعات جديدة تهدف إلى تقييد شركات التكنولوجيا الكبرى.
يجب أن يتصرف فوجل بحذر. فمن ناحية، يهدف بوضوح إلى جعل "بوكينج دوت كوم" أكبر وتستخدم تكنولوجيا أكثر من أي وقت مضى، من ناحية أخرى، يجادل بقوة بأن الشركة ليست سوى مشغل صغير واحد في سوق سفر واسعة.
"إن فكرة أن لدينا مثل المركز المهيمن ليست صحيحة (...) من حيث إجمالي صناعة السفر، نحن لاعب صغير جدا"، كما يقول، وهو يطرق على طاولة المؤتمرات في المقر الرئيس لشركة بوكينج في ولاية كونيتيكت بإصبعه.
"علينا أن نكافح كل يوم للسعي إلى تلقي حجوزات. وإذا لم نكافح من أجل تحقيق الأفضل للمستهلكين وشركائنا من موردي خدمات السفر، فسيتوجه هذا العمل نحو موقع آخر. لا يتطلب الأمر سوى نقرة واحدة".
تتمثل أحدث معركة للشركة في حل الشكاوى المتعلقة بتأخير الدفع التي تلقتها في الآونة الأخيرة من بعض المضيفين في المملكة المتحدة. تلقي "بوكينج دوت كوم" باللوم في هذه المشكلات على صيانة النظام المخطط لها وتقول إن الدفعات كاملة تقريبا.
يرتكز الأسلوب الإداري القوي الذي يتبعه فوجل على محن مبكرة مر بها. في عمر 17 عاما، أصيب بسكتة دماغية. في الـ61 من عمره، ما يزال يعيش كل يوم بدافع لا يفتر عزمه، بدءا بنظام التمارين الرياضية عند الفجر، متأثرا بتعافيه من الصدمة التي واجهته في مراهقته. عند البحث عن الفنادق على موقع بوكينج دوت كوم، تكون أولويته توافر "صالات رياضية رائعة".
إن شرحه لهدفه كونه الرئيس التنفيذي منتقى حرفيا من موقع الشركة على الإنترنت. يقول فوجيل إنه بصرف النظر عن الزواج والأطفال، يشكل السفر "الذكريات التي تغمر عقلك". لكن التخطيط لرحلة أصعب مما يجب أن يكون عليه.
يقول، "تتمثل مهمتنا في أن نسهل على كل شخص في العالم أن يكتشف العالم. نؤمن أن فعل هذا ممكن. يستغرق الأمر وقتا أطول مما أريد، لكننا نحرز تقدما، ولهذا السبب أفعل ما أفعله".
عندما جاء فوجل إلى الشركة من وول ستريت في 2000، كانت شركة بوكينج هولدنجز لا تزال تسمى برايسلاين، إحدى نجوم طفرة الدوت كوم الأولى. بعد فترة وجيزة من وصوله، انفجرت فقاعة الإنترنت تلك، وكادت تقضي على "برايسلاين". يشعر فوجل بالتفاؤل إزاء التوقيت السيئ، فقد أثبت، كما يقول، أنه "ينبغي له ألا يكون مثل متداول، لكونها تصدرت للتو التداول على الإنترنت واتخذها كثيرون مركزا دائنا على الإنترنت في الذروة".
عمل في البداية في تطوير الشركات، ثم في مجال الاستراتيجية، ساعد فوجل على تشكيل الشركة لتصبح مالكة لعدة منصات على الإنترنت، بما فيها تطبيقات المقارنة أوبن تيبل للمطاعم، وأجودا للفنادق في آسيا، وكاياك للرحلات الجوية، ورينتالكارز دوت كوم، ومنصة برايسلاين الأصلية لتخفيضات السفر في الولايات المتحدة. لا تزال "بوكينج دوت كوم" تمثل نحو 80 إلى 90 في المائة من إجمالي أعمال المجموعة، وقد ساعدت المجموعة على تحقيق إيرادات بقيمة 17.1 مليار دولار العام الماضي، مقارنة بـ10.7 مليار دولار في 2016، العام الذي سبق تولي فوجل منصب الرئيس التنفيذي.
خلال هذا المشوار، أصبح فوجل واحدا من الرؤساء التنفيذيين الأعلى أجرا في الصناعة. وبعد التعافي من الجائحة، حجز رقم قياسي بلغ 896 مليون غرفة لقضاء ليلة في فندق على منصات بوكينج في 2022. كما انتعشت مكافآت فوجل أيضا منذ 2020، عندما حصل على 7.15 مليون دولار. في 2021، بلغ إجمالي أجره 54 مليون دولار، و30.8 مليون دولار العام الماضي.
تضمن "بوكينج" الآن بعضا من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم كمنافسين فعليين ومحتملين. يقول فوجل، "قضيت 23 عاما هنا وكنا نتنافس ضد بعض الشركات العملاقة".
لكن مواجهة منصات السفر التابعة لشركة جوجل أو شركة علي بابا شيء، ومواجهة القيود التنظيمية ذاتها المفروضة على شركات التكنولوجيا الكبرى شيء آخر تماما. على الأقل هذه هي الطريقة التي يأمل فوجل أن تقرأ بها المفوضية الوضع، حتى مع توسع "بوكينج دوت كوم".
بعد بضعة أيام من مقابلتنا، أعلنت "بوكينج دوت كوم" أن تأثير جائحة كوفيد- 19 يفيد بأنها لم تبلغ بعد حد المستخدمين الذي يجب عليها بعده إخطار المفوضية بأنها تندرج ضمن "افتراض الاحتكار". بحلول نهاية 2023، من المؤكد تقريبا أن هذا سيحدث.
يتوافق هدف النمو السريع من خلال التكنولوجيا مع تاريخ "بوكينج دوت كوم". في كتاب حديث تحليلي عن الشركة من تأليف ثلاثة صحافيين استقصائيين هولنديين، بعنوان ذا ماشين، يعزى النجاح المبكر للمجموعة إلى برمجية سرية تعرف باسم "الأداة التجريبية"، التي سمحت لها باختبار التحسينات على الموقع على نطاق واسع.
يصور الكتاب فوجل رئيسا مهووسا بـ"أخلاقيات عمل متعصبة"، فرض ثقافة الشركات الأمريكية على الفرع الهولندي الذي يتمتع بحرية أكبر، ولم يخش أبدا استغلال اعتماد الفنادق على المنصة.
إن أي إشارة إلى أن علاقة الشركة بالفنادق من جانب واحد تثير غضب فوجل. يقول، "لا توجد قاعدة تنص على ضرورة إتاحة غرف وحجوزات لبوكينج دوت كوم". يسرد مجموعة من الخدمات، بدءا من التسويق عبر موقعها الإلكتروني بأكثر من 40 لغة، إلى معالجة شكاوى العملاء. "سنفعل كل هذه الأمور. ولن أتقاضى منك أي شيء. لن أتقاضى بنسا، ولا سنتا. لكن إذا زودناك بعميل تحصل على عائد منه، فنود أن نحصل على عمولة. ما رأيك؟ تبدو صفقة عادلة. لكن بعض الهيئات التنظيمية تفكر، أوه لا، لا، لست أدري عن هذا".
المكافئ للأداة التجريبية في 2023 هو الذكاء الاصطناعي التوليدي. تطرح "بوكينج دوت كوم" و "برايسلاين" إصدارات تجريبية من مخططي الرحلات للعملاء الأمريكيين هذا الصيف باستخدام أدوات جوجل للذكاء الاصطناعي التوليدي. يأمل فوجل أن تكرر المواقع وتحسن ما اعتاد العملاء توقعه من وكلاء السفر.
يقول، "ينبغي أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرا على إعادة ابتكار هذا الشيء بالتحديد (...) كيف تصل إلى المطار، رحلة الطيران، كيف تصل من المطار عندما تهبط إلى المكان الذي تقيم فيه... كل الأشياء التي تريد فعلها هناك. إذا حدث خطأ ما، سيكون قادرا على إصلاحه. أو حتى أفضل من ذلك، مثلا، أن يقول، "أوه، نعتقد أن ثمة مشكلة"... ثم يصلحها قبل أن تعرف حتى ما سيحدث".
لكنه غير مرتاح تماما بتوقع ما قد يعنيه هذا لموظفي "بوكينج هولدينجز" الـ20 ألف. اضطر فوجل إلى خفض أعداد الموظفين بحدة خلال العام الأول من الجائحة. بعد أن تم تسريحه فجأة من وول ستريت منذ أكثر من عقدين من الزمن، يقول إنه يعرف مدى "فظاعة" الشعور بأن تكون الطرف المتلقي لهذه الضربة.
"تتخذ قرارا بأنك ستضطر في النهاية إلى الاستغناء عن سبعة آلاف شخص لم يرتكبوا أي خطأ على الإطلاق. في الواقع، لقد أدوا عملا جيدا للغاية. وهذا ليس خطأهم".
يعترف فوجل بأنه يتحمل المسؤولية بصفته الرئيس التنفيذي لمساعدة الموظفين على التدريب استعدادا لعصر الذكاء الاصطناعي.
لكنه يضيف "هذا لا يعني.. أنه ستتوافر وظائف للجميع طيلة الوقت.. دوري رئيسا تنفيذيا لا يتمثل في إنشاء منظمة غير حكومية ودعم الذين لم يعودوا قادرين على المساهمة لمصلحة المجتمع".
يوجد أثران جانبيان للجائحة يغذيان المرحلة التالية من النمو. أحدها هو رغبة المسافرين في حجز منازل وشقق فردية، وهو مجال تتنافس فيه الشركة مع "أير بي إن بي". والآخر هو العمل المرن، "يقول أحدهم: حسنا، ليس من الضروري أن أحضر في المكتب. لذا يمكننا زيارة مكان ما الخميس والجمعة وسأعمل من مكان آخر - وسنضع كلمة 'أعمل' بين علامتي اقتباس هنا".
كونه أحد ميسري السياحة العالمية، يخاطر فوجل بوصمه بأنه متواطئ في تغير المناخ وتدمير الرؤية التي يروج لها. تحاول المجموعة الاستجابة ببرنامج "السفر المستدام" الذي يشجع الفنادق وأصحاب المنازل على تبني ممارسات صديقة للبيئة مثل استخدام الطاقة المتجددة أو التوقف عن استخدام أدوات النظافة المصنوعة من البلاستيك ذات الاستخدام الواحد.
يقول الرئيس التنفيذي، "إن المهمة المتمثلة في تسهيل تجربة العالم على الجميع مهمة لا معنى لها نوعا ما إذا لم يكن هناك عالم يستحق الاستكشاف، أليس كذلك؟ علينا أن نؤدي دورنا أيضا".
إذن، هل يستعد فوجل لمستقبل حيث يسافر الناس مسافات أقل، لأنهم يريدون إنقاذ الكوكب؟ لا، كما يقول الرجل الذي يتحكم في حجوزات بوكينج. يضع ثقته في"الهندسة والتكنولوجيا والبراعة" لحل التحديات البيئية مثل انبعاثات الطائرات.
يقول، "سيسافر الناس بالطريقة نفسها التي كانوا يسافرون بها. وربما أبعد حتى، لا أدري، لم أدرس الأمر جيدا".

الأكثر قراءة