أهمية إنشاء هيئة التأمين في دعم الأنشطة الاقتصادية

موافقة مجلس الوزراء على إنشاء هيئة التأمين دلالة على أهمية وجود كيان مستقل في تنظيمه يتبع لمجلس الوزراء يهتم بشؤون التأمين في المملكة ويعزز من كفاءة هذا القطاع ودعم الأنشطة الاقتصادية.
التأمين قد لا يكون من المعاملات التي لها تاريخ طويل مع الإنسان، وإن كانت هناك أشكال يمكن أن توصف بأنها من صور التأمين بدأ الإنسان بالعمل بها منذ قرون طويلة، إلا أن التأمين لم يكن منتشرا بين الأمم إلا بعد التطورات في الاقتصاد العالمي بدأ من الثورة الصناعية التي كان لها الأثر في التحسن الكبير للاقتصاد في العالم والظروف المعيشية في العالم خصوصا الدول المتقدمة التي ضاعفت فيها الآلة من إنتاجية البشر وخفضت التكلفة لتلك المنتجات وكان ذلك سببا في الرفاهية التي تعيشها الدول المتقدمة اقتصاديا ودول أخرى حول العالم.
التأمين اليوم حاجة اقتصادية ملحة ولا يكاد يستغني عنه أي اقتصاد وتطور التأمين ونشاطه هو انعكاس صحي للحالة الاقتصادية في المجتمعات، ولكن لماذا التأمين بهذه الأهمية؟
لا شك أن الإنسان اهتم بالتأمين نظرا إلى الحاجة الكبيرة إليه في الاقتصاد، وقد يرى البعض أن الإنسان كان يعيش دون وجود التأمين إلا أن الإنسان كان يعيش دون وجود البنوك ودون وجود الكهرباء والسيارة، ولكن ومع وجودها أصبح لا يكاد يستغني عنها، بل يعتمد عليها بصورة كبيرة في شؤون حياته.
أهمية التأمين بالعلاقة الوثيقة بينه وبين كل وسائل الإنتاج في الاقتصاد، وكل منتج بين أيدينا لا بد أن يكون قد حصل به التأمين أكثر من مرة سواء في مرحلة الإنتاج في المصانع أو في مرحلة النقل البري والشحن البحري والتخزين ونقاط البيع، ففي كل مرحلة من تلك المراحل وفي حال حصول كارثة تتسبب في تلف هذا المنتج يتم التعويض عنه من خلال التأمين، والأمر له علاقة أيضا بالصحة والعلاج، والراتب التقاعدي هو شكل من أشكال التأمين حيث يقتطع الموظف نسبة من راتبه على أن يحصل على دخل ثابت مستقبلي بعد تقاعده من العمل وفق شروط وضوابط لذلك.
أهمية التأمين تأتي من أن التأمين له دور فاعل في استقرار الأنشطة الاقتصادية، فبعض الأنشطة الاقتصادية تكون جيدة وتسير أعمالها بشكل مستقر وتنمو بنسب معينة، ولكن بسبب حدوث كارثة أو حريق في بعض المباني أو المستودعات يمكن أن تتغير الأمور رأسا على عقب ولا يستطيع هذا المشروع الاستمرار، ما ينشأ عنه خسائر فادحة للملاك وعودتهم إلى نقطة الصفر أو المديونية ويفقد البعض وظائفهم وقد تكون هناك ديون مستحقة والتزامات تجاه عملائهم لا يستطيعون الوفاء بها، وبالتالي فإن الضرر يمتد إلى أطراف متعددة، ولكن الصورة مختلفة فيما لو أن هذا المشروع لديه عقد تأمين يغطي تكاليف الأضرار ويجعل النشاط يعود إلى حالته الطبيعية دون آثار كبيرة تتسبب في إفلاس تلك المشاريع.
التأمين له دور في تعزيز السلامة، خصوصا فيما يتعلق بالممتلكات، بل أمور أخرى مثل الصحة، حيث إن شركات التأمين لديها اشتراطات كي تقبل التأمين على الممتلكات، ومن ذلك الالتزام بحد أدنى من شروط السلامة للمستودعات والمساكن والمحال التجارية والمباني، وهذا من شأنه أن يعزز من السلامة العامة ويخفف من أثر الكوارث فيما لو حصلت مستقبلا، وهذا كله في نهاية الأمر له أثره في السلامة العامة، سواء للإنسان أو الممتلكات.
وجود هيئة للتأمين سيكون له أثر في نمو هذا القطاع ويعزز من أدائه فيما يتعلق بالتشريعات أو المنتجات التي تخدم السوق وتدفق الاستثمارات على هذا القطاع المهم ويعد التأمين قطاعا ضروريا للنشاط الاقتصادي، وبقدر ما ينمو هذا القطاع ويتوسع سنجد أن البيئة الاستثمارية أكثر جاذبية، كما أن له دورا في زيادة حجم الدراسات والبحوث الخاصة في السوق بما يجعل تسعير الخدمات التأمينية أكثر عدالة ويشجع على مبادرات أكثر لتقديم مجموعة من المنتجات الجديدة في السوق.
الخلاصة، إن إنشاء هيئة للتأمين يعد تطورا باتجاه تعزيز كفاءة قطاع التأمين وزيادة نشاطه في السوق التي بدورها ستعزز من استقرار الأنشطة الاقتصادية ودعم تدفق الاستثمارات في هذا القطاع وزيادة حجم الدراسات ودقتها في قطاع التأمين الذي يعتمد عليها في طرح المنتجات وتسعيرها، كما سيكون لها دور في وجود مجموعة من الوظائف الجيدة في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي