آخر البدو
لعل التوجه الجديد لدى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، التي تبنت إنتاج فيلم وثائقي يحيي ويذكر بماضي بلادنا وما عاشه الآباء والأجداد من صعوبة العيش وكيف تفاهموا وتعاملوا مع بيئتهم التي نعيش فيها، لعل هذا التوجه يكون بداية مرحلة مختلفة تدعم المحافظة على القيم والموروث والعناية أكثر بترسيخ أهمية الاختلاف الثقافي والحضاري والبيئي في بلادنا.
لعل البانوراما الرائعة التي تمثلها المملكة واحد من أهم عناصر البناء الذي ستكون عليه الصور الجديدة. نحن نعيش في بلاد وصلت مرحلة الانصهار الاجتماعي حيث تتساوى بشكل عام المفاهيم والأماكن والمجتمعات رغم الحجم الهائل للبلاد، ومع هذا التطور السريع نفقد يوميا جزءا من التفرد الذي نتج عن المساحة الهائلة للبلاد والقرون الطويلة السابقة التي كان فيها الناس معزولين بشكل عام عن بعضهم لتختلف أساليب الحياة وطرق البناء ومصادر العيش والبيئة بعمومها.
ولئن كان الفيلم الذي عرضته مكتبة الملك عبدالعزيز عن حياة سكان هذه البلاد بعنوان "آخر البدو" مهما، فهو يوطئ لتوجه مهم لإبراز مختلف أساليب الحياة السابقة سواء كانت في الجبال أو التهم أو الموانئ ولكل منطقة حظ مختلف من الأنشطة والأشكال الاجتماعية والبيئية.
السؤال المهم هو، من صاحب الدور الأسرع والقادر على بعث تلك المشاهد وإخراجها للاطلاع العام، قد يكون هناك تنظيمات إدارية أو وزارية تتعلق بمثل هذه المبادرات، لكن من الواضح أن هناك أهمية كبيرة لرصد الفترات التاريخية السابقة واستمرار التذكير والتعريف بها ليس للأجيال التي تعيش بيننا أو تلك التي ستأتي في المستقبل، وإنما لكل من يأتي إلى هذه البلاد وكل من يشاهد ما ينجزه أبناؤها في كل المجالات.
الثقافة مهتمة والسياحة كذلك والتعليم وإمارات المناطق، وليس أقل من أن تتكون لجنة مركزية في كل منطقة تكون لها صلاحية جمع المعلومات والمواد والكنوز التاريخية وحمايتها وإيجاد وسائل نشرها وتوعية المجتمع الداخلي والدولي عنها.
وفي حالة مثالية يمكن أن تكون هناك لجان تنفيذية عليا تعمل على استعادة ما فقد من كنوز الماضي وخرج خارج الحدود، وهذا يتطلب دراية وافية ومراجعة من لديهم إحاطة بمثل تلك الكنوز المهاجرة.
يمكن أن نبني على ما حققته بعض المناطق من إنجازات في المجال، ودعم سخي لجهود حفظ الموروث المهم المعرض للضياع إن نحن أهملناه.