جزء من ثقافتنا

المساهمات العقارية جزء من الثقافة الاستثمارية التي جمعت بين عناصر دينية واجتماعية وثقافية في آن واحد، كيف كان ذلك؟ كان عبر الممارسات الأولى لها التي شهدها آباؤنا أو أجدادنا، الممارسات التي كانت تخاف الله أولا، ثم تخاف على سمعتها ثانيا، وكانت تؤمن بمبدأ "رب ارزقني وارزق مني".
يحكي لنا من سبقونا عن بضعة أسماء في كل مدينة، أسماء بعضهم جد أو والد عقاري ناجح اليوم، أو هو الأب الروحي لشركة عقارية قائمة وكبيرة اليوم، ودون ذكر أسماء يعرفها كثيرون كان هؤلاء يعلنون لكل من في مجلسهم أو مكتبهم نيتهم شراء عقار معين وفتحهم المساهمة فيه، يأتيهم الناس يضعون ما تيسر، وخلال أشهر، وفي حالات سجلها التاريخ خلال أسابيع يبيعون العقار ويردون للناس رؤوس أموالهم وأرباحهم.
لاحقا صار الإعلان يتم عبر الصحف والمجلات وهنا بدأ تسلل الدخلاء على المهنة، وسال لعاب كثيرين ممن لا يخافون الله، ولا يخافون على سمعتهم، وتكون مع الزمن كثير من المساهمات التي تعثرت بسوء نية أصحابها، وأحيانا لظروف خارجة عن إرادتهم، وتراكمت القضايا والأموال المحجوزة، حتى جاء الحل الحكومي المهم بإنشاء لجنة المساهمات العقارية "تصفية" التي أخذت على عاتقها إرجاع حقوق الناس وملاحقة المساهمات المتعثرة وإيجاد الحلول لها، وهي نجحت في كثير من المساهمات، وننتظر بقية القائمة.
الخطوة المهمة والنوعية الثانية في هذا الملف هي إقرار مجلس الوزراء الموقر نظام المساهمات العقارية الذي سيسهم في زيادة المعروض من المنتجات العقارية التجارية والسكنية، بوصفه قناة تمويلية واستثمارية جديدة للمطورين العقاريين.
الآن ربما تعود ثقة المستثمرين الأفراد من ذوي المدخرات الصغيرة بالقطاع العقاري، حيث تضمن النظام قواعد وأحكاما تحفظ الحقوق لجميع الأطراف، وسيقضي على ممارسة المساهمات العقارية العشوائية وغير النظامية.
حتى تزداد هذه الثقة أكثر، أقترح على لجنة المساهمات العقارية سرعة "تصفية" ما لديها من مساهمات، وإعادة النظر في خطابها الاتصالي حيث يتضمن تقارير شهرية أو ربعية عن المساهمات الكبرى التي لم تعلن تصفيتها بعد وملفها موجود لديهم، تخبر الناس أين وصل التقاضي فيها أو مراحل استعادة الأموال.
إذا تم تفعيل النظام الجديد، وأقفلت لجنة المساهمات العقارية ملفاتها أتوقع إلغاء اللجنة أو نقلها إلى الهيئة العامة للعقار، ليصبح دورها التقييم والمراقبة، لأننا لن نعود بإذن الله في حاجة إلى محاسبة المتعثرين بقدر حاجتنا إلى متابعة ودعم الناجحين والصادقين ممن سيطرحون مساهماتهم عبر النظام الجديد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي