للطائف مكانة في روحي وعقلي ما حييت، هي مسقط الرأس، ومهوى الفؤاد، ومرتع الصبا، وتشكل الأحلام، القراءات الأولى، وبواكير الكتابة، والأهم أن فيها عبق والدتي رحمها الله، وأنفاس أبي وبقية عائلتي حفظهم الله.

للمرة الأولى منذ أوائل التسعينيات أمكث فيها بلا موعد مع العمل في إجازة مفتوحة نسبيا لعدم ارتباطي بأي وظيفة حاليا، ولعل ما سأورده أمنيات صغيرة أو ملاحظات محب تلقى القبول أو النقاش لدى من يهمه الأمر.

بفضل التخطيط الجيد وتوزيع دخول وخروج حجاج الخارج بين أكثر من محطة جوية زاد نصيب مطار الطائف الدولي ـ الصغير نسبيا ـ من رحلات الحجاج، وصادفت أثناء وداع صديق في المطار أن هناك رحلتين لشركة طيران عربية تأخرت في القدوم ساعات عدة، وبالتالي سيتأخر إقلاعها، وكانت الشركات المسؤولة عن الحجاج قد أحضرتهم مبكرا جدا.

المسؤولية تقع على شركة الطيران في توفير الطعام والشراب لهم، لكن ربما يكون من الجميل أن يكون هناك مندوب لأي جهة لديه صلاحية وميزانية صغيرة لإطعامهم وسقياهم مع تسجيل ملاحظات أو غرامات على الشركتين، شركة الطوافة، وشركة الطيران. أيضا كان يجب على شركة الطوافة العلم وإعلام الحجاج أن مطار الطائف لا يتيح نقل وشحن عبوات ماء زمزم الكبيرة مثل مطار جدة لأسباب تشغيلية، لأن كثيرا منهم ترك عبواته في المطار.

المشهد في المطار كان مبهجا، فهناك ممثلون لمعظم الجهات الأمنية والتنظيمية والتقنية، وكان كل حاج يغادر بهدية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من المصاحف بأي لغة يشاء.

في طريق عودتي إلى المدينة سلكت طريق السيل ورأيت مدينة سكنية عملاقة هي مدينة الورود، وهي ضاحية كبيرة معظم أجزائها مشاريع مدعومة من وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان لتحقيق مستهدفات الإسكان في رؤية 2030 وأحسبها ستكون إضافة كبيرة للمدينة إذا انتهى إيصال الخدمات الأساسية لها، حيث استلم مئات المستفيدين مساكنهم وبعضهم سكن بالفعل وتم توصيل الكهرباء له عبر مولدات الكهرباء، وهذا ليس عمليا ولا يحقق أهداف جودة الحياة والمحافظة على البيئة.

أخيرا، لا يزال هناك إشكال في المدينة في إدارة الدوارات مروريا، إما لسوء تصميم الدوار أو لعدم التزام قائدي المركبات بالنظام، والحل المزعج الذي ينفذه المرور في المواسم وأوقات الذروة هو إقفال أحد المسارات، وهذا ليس حلا عمليا. يصعب دوما وداع الطائف وأهله، وما يجعل الأمر هينا هو الاتجاه إلى الرياض الحبيبة.