Author

رسالة «إكسبو»

|

في 2010 سافرت إلى الصين من أجل مهمة صحافية، كانت لتغطية فعاليات معرض المملكة المشارك في معرض إكسبو - شنغهاي، كل شيء هناك كان مبهرا وأصبحت المدينة مقصدا للزوار داخل وخارج الصين، هناك حيث تتنافس الدول من أجل تقديم أفضل الحلول الحضرية للسكان وتوفير حياة أكثر سهولة ومرونة ورفاهية، إذ عرضت كل دولة مشاركة أفضل ما لديها من تجارب في هذا الصدد.
عشرات الدول شاركت بمعارض مختلفة الأشكال والتصاميم الهندسية والمعمارية، وكان من اللافت جناح المملكة المشارك، ليس لي فقط - لأن شهادتي مجروحة - بل للزوار الذين قابلناهم ونراهم يصطفون طوابير طويلة يصل الانتظار أحيانا إلى أكثر من ساعة، من أجل الحصول على فرصة دخول المعرض ومشاهدة ما يحتويه.
تستطيع أن ترى هذه الطوابير البشرية من مسافة بعيدة وثقتها بالصور، وهذا كان محل دهشة، وأتذكر أنني قابلت مسنا صينيا مع زوجته وسألته عن سبب حضوره؟ وكان متكئا على عصاه من تعب الانتظار، فأجاب بقوله "أشاهد ملايين البشر تجتمع كل سنة لديكم في موسم الحج، وأود أن أرى ذلك من الداخل وعن قرب". كان هناك ركن خاص قامت به وزارة الشؤون البلدية والقروية آنذاك يتعلق بمشروع خيام منى، وكان في الواقع لافتا للنظر بطريقة العرض والأسلوب المشوق في تقديمه كمشروع حضري مميز.
أستحضر هذه القصة وأنا أشاهد المملكة اليوم وبعد مرور أكثر من 13 عاما تقدم ملف استضافة إكسبو 2030 بقيادة ملهم الرؤية ولي العهد في العاصمة الفرنسية باريس الأسبوع الماضي.
إن إكسبو ليس حدثا عابرا أو معرضا يقام وينتهي أثره، بل هو فلسفة ثقافية وفكرية وتظاهرة حضارية لتجارب البشر في هذا الكوكب، وتقدم صورة حقيقية لمدى التطور الذي وصل إليه البشر من أجل خدمة الإنسان في شتى النواحي.
دائما ما نجلد ذواتنا بأننا مقصرون في إرسال صورة واقعية عن بلدنا الذي يتنامى بشكل مذهل، ينظر بعينين إحداهما في الداخل والأخرى في الخارج، والمتأمل في نهضة المملكة يراها تراعي هذين الجانبين، فالمشاريع الكبرى الجاري تنفيذها في المملكة ليست محلية فقط بل يمتد أثرها الإيجابي خارج الحدود، وهي الرسالة التي تود المملكة إيصالها إلى العالم، وأن الصورة الذهنية المتمثلة في "الجمل وبرميل النفط" لا تعدو كونها تأطيرا ظالما لما هي عليه الآن.

إنشرها