حفظ النعمة .. مسؤولية الجميع

وجدت أن أفضل موضوع أكتب حوله في هذه الأيام المباركة "حفظ النعمة"، خاصة بعد التفاعل الكبير الذي وجدته بعد إطلاق تغريدة حول الموضوع منذ أيام. وخير ما أبدأ به، التذكير بأن ديننا العظيم يأمرنا بأن نأكل ونشرب ولا نسرف، وهو عكس ما يفعل البعض، فهم لا يأكلون ولا يشربون إما لأسباب صحية أو اتباع حمية معينة، وإنما يسرفون ليقال إنهم كرماء.
وما يدعو إليه العقلاء ليس البخل، إنما التوسط والحرص على التأكد من إيصال الفائض من الولائم إلى من يحتاج إليه وما أكثرهم. من هنا ظهرت الحاجة إلى جمعيات حفظ النعمة التي تقوم بدور ملحوظ، لكن -في نظري- إن "حفظ النعمة" مسؤولية الجميع، وتبدأ المسؤولية من صاحب المناسبة الذي عليه أن ينظر بعين العقل متذكرا ما كان عليه الآباء والأجداد من حكمة جعلتهم يقدمون الولائم المناسبة في ظل الشح وقلة الإمكانات، وتأكدهم من أن الوليمة بكاملها ستؤكل على ندوتين أو ثلاث.
أما الآن فإن جزءا كبيرا من المدعوين سينصرف قبل العشاء والجزء الباقي سيأكل مجاملة بعض المقبلات أو السلطات.. والذبائح وربما الحواشي والرز مصيرها كان براميل الزبالة، كما كنا نشاهد سابقا. أما الآن، فالمتوقع "والله أعلم" أنها تذهب إلى جمعيات حفظ النعمة، وهناك من يطمئن ضيوفه بأنه لا شيء يرمى، ويشير إلى من حضر لتسلم الباقي من الموائد.. وهذا شيء طيب.
ويبقى بعد هذه الأدوار الدور الأهم، وهو للجهات الحكومية المختصة بأن تراقب وتتأكد من اتصال صاحب الوليمة بالجمعيات التي تتولى مهمة التوزيع على المحتاجين، مع فرض غرامة تتدرج مع التكرار على من يثبت إهماله ورميه الطعام، وقد تصل إلى إحالة من يثبت أنه لا يكترث بالموضوع إلى النيابة العامة، وهذا ما اقترحه بعض الفضلاء ليكون فقرة في هذا المقال.
وأخيرا، لا بأس بأن أعيد التذكير ببعض أرقام الأغذية المهدرة في بلادنا سنويا، كما نشرتها جريدة «الاقتصادية»، ومنها الدقيق والخبز 917 ألف طن، والأرز 557 ألف طن، والدجاج 444 ألف طن "ولا أدري لماذا لم تذكر اللحوم وهي الأكثر هدرا" حتى التمر لم يسلم من الهدر 137 ألف طن، والطماطم 234 ألف طن، والبطاطس 201 ألف طن. حتى أضرب مثالا إيجابيا في هذا المجال، أذكر بالتقدير جهود الجهة القائمة على توزيع الهدي والأضاحي التي تذبح في موسم الحج في مكة المكرمة، حيث تسلخ وتغلف وتوزع على المحتاجين في الدول الإسلامية والمسلمين في دول غير إسلامية.
والمؤمل أن نتعاون للحد من ظاهرة الإسراف، في ظل الشح الذي يجتاح العالم في الغذاء، وأن نكون مراقبين لمظاهر هدر النعم في الولائم والمطاعم التي لا يبالي عمالها بمصير هذه النعم.. وبلادنا تنعم بالخيرات، ولله الحمد، وكل عام والجميع بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي