معنويات إيجابية في أسواق النفط مع تباطؤ التضخم الأمريكي والتحفيز الصيني

معنويات إيجابية في أسواق النفط مع تباطؤ التضخم الأمريكي والتحفيز الصيني
المتغيرات في أسواق الطاقة متلاحقة وسط إشارات متضاربة عن مسار الأسعار.

وجد النفط الخام دعما خلال تعاملات أمس، مدفوعا بضعف الدولار إضافة إلى ترقب المتعاملين في السوق البيانات المحدثة من الولايات المتحدة بشأن الاحتياطي الاستراتيجي التي تشير إلى انخفاض بنسبة 33 في المائة مقارنة بـ12 شهرا ماضية، وتفاءلت السوق بعد أن أصدرت وكالة الطاقة الدولية تقريرها حيث رفعت توقعاتها للإمدادات لعام 2023 بمقدار 200 ألف برميل يوميا إلى 101.3 مليون برميل يوميا بينما كشفت عن تراجع المعروض النفطي العالمي في أيار (مايو) بسبب تخفيضات "أوبك+" ومع ذلك كانت مخاوف الطلب هي ذات التأثير المهيمن على الأسواق أخيرا مع عمليات البيع في الأسابيع الماضية مدفوعة إلى حد كبير بعلامات التباطؤ في الاقتصاد العالمي.
وكشف تقرير الوكالة عن أن الطلب الصيني على النفط في نيسان (أبريل) استمر في الارتفاع مسجلا ارتفاعات قياسية بلغت 16.3 مليون برميل يوميا.
ويقول لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن الشكوك المحيطة بالطلب على النفط الخام ما زالت قوية حيث تجددت المخاوف حول الصين كما ظلت بيانات التضخم ومبيعات التجزئة ضعيفة لكن بيانات وكالة الطاقة الدولية قد تقطع شوطا ما لتخفيف المخاوف.
وذكروا أن الأسواق كانت قد توقعت توقفا مؤقتا عن رفع الفائدة وفي الوقت ذاته تستعد لاستئناف رفع أسعار الفائدة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تموز (يوليو) المقبل، معتبرين أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تقدم مزيدا من الدعم للدولار وبالتالي تؤثر في أسعار النفط.
في هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة إن أسعار النفط الخام تعاود التعافي نسبيا بفعل توقعات ازدهار الطلب في ضوء الاتجاه إلى إعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي، مشيرا إلى أن تخفيضات إنتاج أوبك في وقت سابق من الشهر عززت مكاسب الأسعار لفترة وجيزة ثم تم القضاء على المكاسب في يوم واحد قبل الاستمرار في تسجيل أدنى المستويات الأخيرة.
وأضاف أن المتغيرات في السوق النفطية متلاحقة وهناك إشارات متضاربة عن مسار أسعار كل من خام برنت والخام الأمريكي مع كثير مما تجب مراقبته أثناء متابعة تداعيات اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
ويرى، سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف أن المعنويات الإيجابية تعود إلى سوق النفط الخام بعدما أدى مزيج من تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة وجهود الصين لتحفيز اقتصادها المتعثر إلى دفع معنويات صعودية، لافتا إلى تأثير إبقاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معدل فائدته الرئيسة بين 5 و5.25 في المائة.
وذكر أن ارتفاع أسعار النفط بشكل طفيف جاء على الرغم من تقدير معهد البترول الأمريكي بأن مخزونات الخام في الولايات المتحدة زادت الأسبوع الماضي بمقدار 1.024 مليون برميل مقارنة بتوقعات بانخفاض طفيف.
كما تشير التقديرات إلى زيادة مخزونات البنزين ونواتج التقطير لافتا إلى التأثير القوي لأرقام التضخم الأكثر إشراقا من الولايات المتحدة والمؤشرات على أن الصين تتخذ بالفعل خطوات لتعزيز نموها الاقتصادي، بحسب كورالي.
من ناحيته، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا إن إنهاء قيود كورونا وإعادة الفتح أدى إلى زيادة الطلب على النفط في الصين لكن بيانات الاقتصاد الكلي الأخيرة من أكبر مستورد للنفط الخام في العالم أثارت قلق المتنبئين والمحللين من أن الطلب قد لا يكون قويا كما كان متوقعا في البداية.
وأشار إلى أن مصافي التكرير الصينية باتت تستهدف بشكل رئيس النفط الروسي الرخيص، ولا سيما أن الصين والهند سوقان كبيرتان للنفط الروسي حاليا، وبيانات الجمارك أظهرت أنه مع عودة المصافي الصينية من الصيانة وبناء المخزونات قفزت واردات الصين من النفط الخام في أيار (مايو) إلى ثالث أعلى مستوى على الإطلاق.
أما ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام فترى أن الطلب العالمي يواجه تعثرات مؤقتة ولكن آفاقه إيجابية خاصة بعدما توقعت وكالة الطاقة الدولية – في أحدث بياناتها - أن العالم سيحتاج إلى 30.5 مليون برميل يوميا من "أوبك" في النصف الثاني من 2023 حيث سيستهلك العالم 103 ملايين برميل يوميا في الربع الثالث من 2023 مقابل 100.6 مليون برميل يوميا في الربع الرابع- 2022.
وذكرت أن السعودية تقود "أوبك+" نحو استعادة التوازن في السوق وهي تتحمل حاليا العبء الأكبر بخفض مليون برميل يوميا في تموز (يوليو)، ولكن هذا الأمر لن يستمر طويلا وسيحفز بقية المنتجين على إجراءات مماثلة داعمة للسوق، مشيرا إلى أن تعافي الأسعار قادم حيث يتوقع بنك ستاندرد تشارترد في آخر تحديث للتوقعات أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 91 دولارا للبرميل هذا العام.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، زادت العقود الآجلة لخام برنت 76 سنتا، أو 1 في المائة، إلى 75.05 دولار للبرميل. وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 63 سنتا، أو 0.9 في المائة، إلى 70.05 دولار للبرميل. وارتفع كلا الخامين أكثر من 3 في المائة أمس بتعزيز من آمال في ارتفاع الطلب على الوقود بعد خفض البنك المركزي الصيني فائدة الإقراض قصير الأجل. ويحفز وقف زيادات الفائدة النمو الاقتصادي والطلب على النفط، مما يدعم الأسعار.
وزادت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط في هذا العام 200 ألف برميل يوميا إلى 2.4 مليون برميل يوميا، وهو ما يسهم في رفع الكمية الإجمالية المتوقعة إلى 102.3 مليون برميل يوميا.
وتتجاوز أرقام توقعات الوكالة لنمو الطلب على النفط بشكل طفيف الأرقام الموجودة في توقعات "أوبك". ومن جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 73.06 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 72.96 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أمس إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب انخفاضات سابقة وإن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 75.46 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة