الرياضة السعودية .. بعد التخصيص
الخطوة التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بتخصيص مجموعة من الأندية الرياضية السعودية، تعد استراتيجية جديدة للتعامل مع القطاع الرياضي تؤدي إلى تطوير هذا القطاع المهم، وإطلاق مميزاته الاقتصادية الكامنة بعد أن ظل تقليديا لعقود من الزمن، ومن خلال المعطيات التي أعلنت حتى الآن، فإن الرياضة السعودية من منظور اقتصادي سيتم نقلها من بند المصروفات التي حملت خزينة الدولة والداعمين لهذه الأندية مبالغ كبيرة إلى بند الإيرادات، لتكون مصدر دخل لملاكها الجدد، ما يبشر برياضة منوعة ومتطورة، وأقول منوعة أي أنها لن تكون محصورة في كرة القدم فقط، وإنما تشمل أنواع الرياضات الأخرى، أما متطورة فهذا يشمل إيجاد ملاعب للأندية وأكاديميات للتدريب وإعادة النظر في كيفية إعداد اللاعبين، وكذلك المدربين والحكام، وستتطور معها المواكبة الإعلامية من نقل وتغطيات وتعليق وتحليل رياضي.
وسترتقي المنظومة الرياضية برمتها وتتحول إلى الاحتراف في زمن أصبحت الرياضة صناعة متكاملة الأطراف، ولعل من المزايا التنافسية التي تحملها صناعة الرياضة في المملكة، هي الاستثمارات الرأسمالية الكبيرة التي توافرت للأندية منذ عقود، والمواهب المميزة في الرياضات المختلفة، والحضور الجيد في المسابقات الرياضية الدولية، "وإن كان الطموح ما زال أكبر مما حصل"، والشغف الكبير بمتابعة أنماط متعددة من الرياضة لدى أغلبية شرائح المجتمع السعودي، خصوصا كرة القدم التي تحظى بالشعبية الأكبر، وما واكب ذلك من بزوغ نجوم محلية في هذه اللعبة، واستقطاب مهارات أجنبية مميزة، والحراك الحالي لاستقطاب نجوم العالم في هذه اللعبة الشعبية عالميا لأجل تحقيق مستهدفات الارتقاء بالمنافسة ومستويات الفرق في الدوري السعودي، للوصول به إلى المكانة المنشودة ضمن أقوى عشرة دوريات على مستوى العالم، وهذا المستهدف سيعطي العوائد المالية، ويحقق الفوائد غير المالية للشركات المستثمرة وسمعة الرياضة السعودية، وينعكس إيجابا على اسم المملكة ودبلوماسيتها الناعمة.
ولعله بعد تحقيق هذا المستهدف تتحول المعادلة لتكون لدينا مهارات من اللاعبين المحليين القادرين على المنافسة وجذب الأنظار، وسيكون الاستثمار في أنديتنا يوازي إن لم يتفوق على تفكيرنا في الاستثمار في الأندية العالمية.
والمؤكد أن دخول شركات كبرى وكيانات اقتصادية ناجحة للاستثمار في المجموعتين المعلنتين من الأندية سيحمل معه فكرا ناضجا في الاستثمار والحوكمة والتسويق، وهي ما يجعلنا واثقين بأننا سنرى مستويات مختلفة من الفكر الإداري القائم على حسابات العوائد وقياس النتائج، وسنرى الاستثمار في اللاعبين المحليين، والأجانب الشباب من هم أقل تكلفة وأقدر على الاستمرار والبقاء. وقبل أن نصل إلى الفقرة الأخيرة أقول إن الذين قدموا الدعم للأندية الرياضية من مالهم الخاص خلال المراحل الماضية كانوا مثالا للتضحية، كما تحملوا أيضا الضغوط النفسية وكل منا يعرف هؤلاء بالأسماء. رحم الله من توفى منهم وأمد الموجود بالقوة والصحة ليواصل مسيرته لخدمة الوطن.
أخيرا، خطوات موفقة يقودها رائد التطوير وعراب الرؤية المباركة في كل المجالات لتحويل جميع القطاعات إلى أن تكون منتجة والرياضة السعودية لها قبول كبير من شعب تصنف شريحة الشباب فيه بالأغلبية الباحثة عن جودة الحياة، والرياضة من أهم مقومات هذه الجودة.. كما أن مشاهدات ومتابعات شباب العالم للرياضة السعودية تزداد يوما يعد يوم.