Author

هل الاستثمار الجريء ينجح دائما؟

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

يلعب الاستثمار الجريء دورا مهما في تمويل الشركات الناشئة، كما ذكرنا في المقالات السابقة، ويتم إعداد الشركات الناشئة لتحقيق النجاح إذا استطاعت الحصول على تمويل مناسب. ومع تركيز المؤسسين في جمع المبالغ، إلا أنهم في الأغلب ما يجهلون أسباب فشل 65 في المائة من الشركات الناشئة المدعومة من رأس المال الجريء. ووفقا لمجموعة بوسطن الاستشارية، فإن لدى أكثر من 750 شركة في 2012 وحدات الاستثمار الجريء الخاصة بها، بما في ذلك الأسماء المعروفة، مثل جوجل وجي إي. وفي حقيقة الأمر، فإن بعض الشركات الناشئة والمدعومة من الاستثمار الجريء تحقق نجاحات لأنها تقوم على إعداد الإدارة العليا بشكل استراتيجي. يقول الدكتور إيثان مولليك، الأستاذ المشارك في الإدارة من جامعة وارتون، "يتلخص القيام في إعداد فريق الشركات الناشئة بالإجابة عن سؤالين مهمين، أولهما: هل يجب أن توجد بمفردك أم في مجموعة؟ وثانيهما، هل يجب أن تختار الأشخاص الذين يشبهونك أم يختلفون عنك؟".
إن هناك أعدادا من الشركات الناشئة التي اختفت من السوق بعد بضعة أعوام، على سبيل المثال لا الحصر، شركة E.ON Venture Partners التي بقيت بين 2000 إلى 2005، وشركة GE Equity التي امتدت خدماتها من 1995 إلى 2002، وغيرهما كثير. إذن لماذا تفشل بعض الشركات الناشئة؟ وما الذي يجعل بعض لاعبي الاستثمار الجريء ناجحين على المدى الطويل؟ يرجع أحد أسباب الفشل إلى الاستعجال بالنظر إلى العوائد المالية بدلا من التركيز على الأهداف الاستراتيجية، لذا يجب أن تكون أهداف الاستثمار الجريء واضحة المعالم قبل الانخراط في التعاون مع الشركة الناشئة، مع العلم أن التركيز على الاستثمار الجريء يتطلب نفسا طويلا.
وقد يفشل عديد من الشركات الناشئة بسبب عدم وجود نهج أو هيكل استثماري متماسك، حيث من المهم للغاية مراقبة الأهداف والاستراتيجيات المحددة مسبقا طوال فترة الاستثمار. ومن أجل نجاح تجربة الاستثمار الجريء، فمن الأهمية بمكان أن تحافظ الشركات الناشئة على حريتها ومرونتها في العمل. لذلك، ينبغي ألا يتعرض المؤسسون لأي ضغوط خارجية من قبل المستثمرين، بل يجب أن يسعوا إلى تبادل التجارب والخبرات فيما بينهم. وحينما يقوم المستثمر الجريء بتوجيه الشركة الناشئة في اتجاه معين تبعا لمصلحة ذاتية له مع إغفال مصالح المؤسسين الآخرين، فإنه بذلك قد يوجد توترات وتضارب مصالح تكون ذات تأثيرات سيئة على أداء الشركة الناشئة.
ويكمن أحد الأسباب الشائعة لفشل الاستثمار الجريء في الاعتماد المفرط على الشركة الأم. إن الشركات الكبيرة ذات الهياكل العتيقة يكون لديها القليل من الروح الابتكارية، والرغبة المنخفضة في المخاطرة وطول فترة صنع القرار. ومع أن هذه هي المتطلبات الأساسية لاستثمار مشروع ناجح والسبب وراء إنشاء عديد من وحدات الاستثمار الجريء، فمن الصعب اتخاذ قرارات سريعة ومرنة تتطلب موافقة من الشركة الأم. وترتكز القوة المحركة للشركات الناشئة على الموارد الداخلية على عكس المستثمر الذي يمتلك شبكة واسعة يمكن استخدامها لتعزيز نمو الشركات الناشئة.
في الختام، من الملاحظ أن الاستثمار الجريء لا ينجح دائما، ويعزو السبب وراء فشل الشركات الناشئة في كثير من الأحيان إلى عوامل داخلية، وليس إلى عوامل خارجية. ويجب ألا ننسى أيضا أن الاستثمار الجريء، ليس هو الحل الأمثل لكل فكرة ابتكارية أو إبداعية أو نتيجة أبحاث علمية، لذلك نرى تفاوتا في وجهات النظر بين النصح باستخدامه لبعض الشركات الناشئة وتفعيله، كونه واعدا للغاية بالنسبة إلى البعض الآخر.

إنشرها