السوق العقارية تفقد ثلث نشاطها في أول 5 أشهر من 2023
أنهت السوق العقارية المحلية نشاطها خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، على انخفاض قياسي في إجمالي قيمة صفقاتها خلال الفترة بنسبة وصلت إلى 31.3 في المائة "68.5 مليار ريال"، مقارنة بإجمالي قيمة صفقاتها خلال الفترة نفسها من العام الماضي "99.8 مليار ريال"، متأثرة بالانخفاض الأكبر الذي طرأ على قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 38.2 في المائة "36.7 مليار ريال"، مقارنة بقيمتها خلال الفترة نفسها من العام الماضي "59.4 مليار ريال"، كما تأثرت السوق بانخفاض قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة 29.9 في المائة "23 مليار ريال"، مقارنة بقيمتها خلال الفترة نفسها من العام الماضي "32.8 مليار ريال".
وامتدت العلامات المؤكدة لسيطرة حالة الركود على السوق العقارية إلى بقية المؤشرات الرئيسة الأخرى، بانخفاض حجم الصفقات العقارية المنفذة خلال الفترة بنسبة 37.7 في المائة "69 ألف صفقة عقارية"، مقارنة بحجمها خلال الفترة نفسها من العام الماضي "110.8 ألف صفقة عقارية"، متأثرة بدرجة كبيرة بالانخفاض القياسي الذي طرأ على حجم صفقات القطاع السكني خلال الفترة بنسبة وصلت إلى 43.6 في المائة، وامتداده أيضا إلى صفقات القطاع التجاري الذي سجل انخفاضا بنسبة 38.8 في المائة للفترة نفسها. كما سجل إجمالي مبيعات السوق العقارية من مختلف الأصول العقارية انخفاضا سنويا عن الفترة، وصلت نسبته القياسية إلى 37.8 في المائة "71.5 ألف أصل عقاري مبيع"، مقارنة بحجمها خلال الفترة نفسها من العام الماضي "114.9 ألف أصل عقاري مبيع".
وجاء التأثير أيضا في حالة التراجع التي شهدتها مبيعات السوق العقارية من مختلف الأصول العقارية من الانخفاض القياسي الذي طرأ على مبيعات القطاع السكني، بتراجعه خلال الفترة بنسبة وصلت إلى 43.7 في المائة "50.2 ألف أصل عقاري سكني مبيع"، مقارنة بحجمها خلال الفترة نفسها من العام الماضي "89.2 ألف أصل عقاري سكني مبيع"، ويعزى التراجع اللافت في نشاط القطاع السكني على مختلف المستويات إلى التراجع القياسي في التمويل العقاري السكني، الذي سجل خلال معظم فترة المقارنة انخفاضا سنويا بنسبة وصلت إلى 39.9 في المائة "27.9 مليار ريال حتى نهاية نيسان (أبريل) 2023"، مقارنة بحجمه خلال الفترة نفسها من العام الماضي "46.4 مليار ريال حتى نهاية نيسان (أبريل) 2022"، وسجل تراجعا على مستوى حجم العقود التمويلية بنسبة وصلت إلى 38.2 في المائة "36.7 ألف عقد تمويلي حتى نهاية نيسان (أبريل) 2023"، مقارنة بحجمه خلال الفترة نفسها من العام الماضي "59.4 ألف عقد تمويلي حتى نهاية نيسان (أبريل) 2022". وعلى مستوى مبيعات القطاع التجاري، فقد تراجعت هي أيضا بالوتيرة نفسها خلال الفترة نفسها بنسبة 37.9 في المائة "عشرة آلاف أصل عقاري تجاري مبيع"، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي "16.1 ألف أصل عقاري تجاري مبيع".
على مستوى مؤشرات السيولة ومعدلات الفائدة، فقد استقر معدل الفائدة بين البنوك "سايبور" لفترة ثلاثة أشهر كمؤشر على معدلات الفائدة محليا، عند مستوياته المرتفعة السابقة بما يناهز 5.9 في المائة، واستمرت وتيرة النمو المطرد في حجم الودائع الزمنية والادخارية، حيث وصل معدل نموها السنوي حتى 25 أيار (مايو) 2023 إلى 43.4 في المائة، مسجلا مستوى جديدا للأسبوع الثاني على التوالي كأعلى معدل نمو سنوي لتلك الودائع منذ نهاية عام 1992، بالتزامن مع استمرار ارتفاع معدلات الفائدة محليا وخارجيا بوتيرة متسارعة طوال أكثر من عام مضى، التي قادت ارتفاعاتها المتتالية إلى التأثير في كثير من قرارات أغلبية المستثمرين، ودفعتهم إلى تفضيل الاحتفاظ بأموالهم في أدوات عالية السيولة، ذات عوائد مجدية واقترانها بدرجات مخاطرة متدنية، مقارنة بغيرها من القنوات الاستثمارية الأخرى، وبما يعبر عن ارتفاع مستويات التحوط لدى المستثمرين بدرجة أكبر تجاه ضبابية الأسواق، وتجاه كثير من حالات التقلبات وعدم الاستقرار المسيطرة خلال الفترة الراهنة على أغلب الأسواق.
العوامل المؤثرة في النشاط العقاري خلال الفترة الراهنة
أكملت حالة الركود المسيطرة على نشاط السوق العقارية 11 شهرا على التوالي، ولم يخرج أداء السوق طوال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري عن مساره المتباطئ، وكما سبقت الإشارة إليه، تخضع تعاملات السوق العقارية عموما، والقطاع السكني على وجه الخصوص - الذي يمثل الوزن النسبي الأكبر في السوق - لعوامل رئيسة عدة، جاء في مقدمتها الارتفاع المطرد لمعدل الفائدة "تكلفة الرهن العقاري"، بصعودها بنحو 450 نقطة أساس طوال أكثر من عام مضى، انتقل أثره في البداية إلى تقلص التمويل البنكي الممنوح لشراء العقارات السكنية، وازداد لاحقا مع بدء العمل بالمصفوفة الجديدة للدعم السكني مطلع العام الجاري، ما أدى إلى تراجع حجم القروض العقارية الجديدة طوال الفترة "كانون الثاني (يناير) - نيسان (أبريل)" من العام الجاري بنسبة 39.9 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما تراجعت مقارنة بالفترة نفسها من العام الأسبق بنسبة 57.9 في المائة، بما يؤكد الأثر العكسي لهذا التراجع في أحجام التمويل العقاري في نشاط القطاع السكني تحديدا، وعلى المستوى الإجمالي للسوق العقارية المحلية.
كما أدى ارتفاع معدل تملك المواطنين مساكنهم إلى مستويات قريبة جدا من مستهدفه النهائي بحلول 2030، إلى تراجع حجم الطلب الحقيقي مقابل الارتفاع المطرد لحجم العرض من المنتجات السكنية المتنوعة، إضافة إلى ضخ الدولة عشرات الملايين من أمتار الأراضي المطورة في المدن الرئيسة، بما يشير إلى اقتراب قوى العرض والطلب في السوق من التوازن المنشود لها، الذي يستهدف وصول الأسعار السوقية إلى مستويات عادلة وملائمة لشرائح المستهلكين، التي شكل ارتفاعها المطرد خلال الفترة 2019 - 2022 عائقا رئيسا أمام شريحة كبيرة من المستهلكين، وتجاوزها حدود القدرة الشرائية والائتمانية المتوافرة لدى المستهلكين في الفترة الراهنة، ويتوقع أن تبدأ في التراجع بمعدلات ملموسة خلال الأشهر المقبلة، نتيجة للسياسات والتدابير التي بدأت الأجهزة ذات العلاقة العمل بها منذ مطلع العام الجاري، تحقيقا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 برفع معدل تملك المواطنين المساكن، وتطوير السوق العقارية المحلية بتنفيذ مزيد من الإصلاحات والمبادرات والأنظمة واللوائح، وصولا بها إلى المستوى المعزز للاستقرار والنمو الاقتصاديين.