Author

العنف الأسري

|

حدثني أحدهم عن حالة تعيشها أسرة تسكن بجوار منزله تتعامل فيها الأم بكل قسوة مع بناتها. يسمع الجميع بكاء الأطفال والصراخ الذي ينتج عن الخلافات، وتظهر علامات الضرب على أجساد الأطفال. حاول الجيران أن يقنعوا الأم بحسن التعامل مع أطفالها وترك هذه الوسيلة المحرمة شرعا وعرفا وقانونا إلا أنها كانت تتعامل بكل ازدراء مع هذه المحاولات وتهين من يحاولون إقناعها بحجة أنهم أسرتها وأنهم متطفلون.
اتصل أحد الجيران بالجهة المختصة بالعنف الأسري، فطلبوا منه تقديم بلاغ رسمي ليتعاملوا مع الموضوع. هذا الجار لا يريد أن يكون في خطر -وكذا أغلب الجيران- فرفض وطلب من موظف الجهة الحضور عندما تحدث الحالات ويتصل بهم فرفض الموظف أيضا. لا يستطيع الأبناء والبنات أن يفعلوا شيئا من تلقاء أنفسهم وهم يعانون ظلم هذه الأم، لكنها تستمر فيما تفعل ويستمر رفض التعامل مع الحالة حتى من قبل الجهات الأمنية.
استغربت -عندما علمت بهذه الحالة- من عدم وجود قواعد واضحة للتعامل مع الحالات بسرية. كما استغربت البرود الذي وصل إليه الوضع مع استمرار المعاناة ونحن في مرحلة فيها كم كبير من الحماية والرعاية للكبار والصغار، وفيها توضيح لمسؤوليات كل شخص في وضعه الأسري والرسمي.
هذه دعوة مني للجهات المسؤولة عن حماية الأطفال بأن تكون تعليمات وأنظمة تعاملها مع الحالات التي تقع تحت مسؤوليتها أكثر تفهما لكل المحتاجين الذين يعانون. ومن أولى هذه الجهات من يتعاملون مع من لا حول لهم ولا قوة أمثال هؤلاء الأطفال وغيرهم من المعوقين وكبار السن حيث تتطرق إجراءات العمل إلى كل حالة يمكن أن تكون موجودة في المجتمع الكبير وتتعامل مع كل حالة بما تستحقه من العناية والتفاعل الحامي للأضعف والمحافظ على سلامة كل فئات المجتمع.
هي دعوة كذلك إلى مراجعة تعليمات كل الجهات بغض النظر عن اختصاصها بما نتعلمه يوميا من دروس مستفادة وإدراج الخبرات والنجاحات كجزء من تحديث هذه التعليمات والإجراءات في كل المجالات. ذلك أن التطور الذي نشهده في كل المجالات، وانتشار المعلومات واختفاء الخصوصية يوجد بلا شك تحديات جديدة ويرفع من درجات الخطر في كل مناحي الحياة وهي إن لم يتفاعل معها ذوو الاختصاص خطر على المجتمع ومقلص لقدرة هذه الجهات على تحقيق أهدافها.

إنشرها