Author

أسهم شركات «الماريجوانا» في الحضيض

|
مختص بالأسواق المالية والاقتصاد

ازدادت نسبة الأمريكيين الذين يؤيدون السماح باستخدام الماريجوانا، المستخرجة في الأغلب من نبتة القنب الهندي، من 12 في المائة في الستينيات الميلادية إلى 31 في المائة عام 2000، ثم إلى 50 في المائة عام 2013، وأخيرا إلى نحو 68 في المائة في الأعوام القليلة الماضية. التأييد العام لاستخدام هذه المادة المخدرة تمت المراهنة عليه من قبل عدة شركات، وبالفعل حدثت هناك ارتفاعات كبيرة لأسهم شركات الماريجوانا بدءا من 2018، مع تصاعد حاد في 2020 وأوائل 2021، ومن ثم انفجار هذه الفقاعة بشكل مذهل منذ ذلك الوقت، محدثة خسائر كبيرة لجميع من استثمر في هذه الشركات.
انفجار فقاعة أسهم الماريجوانا يعد انتصارا كبيرا لأولئك الذين يعارضون السماح بها والذين دوما يحذرون من التساهل في استخدامها، ولا سيما أن هناك أبحاثا طبية عديدة تشير إلى مخاطر استخدام منتجات الماريجوانا كونها تؤدي - بحسب إحدى الدراسات - إلى إدمان واحد من كل ستة مراهقين. كما أن تعاطي القنب في سن مبكرة ينتج عنه أضرار للمخ ومضاعفة خطر الإصابة بانفصام الشخصية، إلى جانب ضعف الأداء الدراسي وزيادة احتمالية ارتكاب حوادث السيارات، وغير ذلك من الأضرار.
فقط أربع ولايات لديها منع شامل للماريجوانا، لكن هناك عددا من الولايات في غرب أمريكا وشمالها الشرقي أجاز بيع منتجات هذه المادة، سواء للاستخدام الطبي أو الاستخدام العام، وعدد قليل من الولايات يسمح بها فقط للاستخدام الطبي، فيما هناك عدد آخر من الولايات التي لا تسمح بها لكن مع ذلك أوقفت تجريم استخدامها، تماشيا مع قرار الكونجرس بهذا الشأن، وهو القرار الذي تبناه الرئيس بايدن وطالب بتعميمه على جميع الولايات.
ورغم كون هذه المادة الخطيرة ممنوعة على مستوى الدولة، أي: على المستوى الفيدرالي، إلا أن لكل ولاية قوانينها الخاصة وفقا لتصويت الناخبين في الولاية، ولا يزال هناك جدل كبير وتذمر من قصور الدور الفيدرالي في السيطرة على توجهات بعض الولايات التي أجازت الاستخدام الكامل دون قيود مؤثرة. ولم يصدر حتى الآن أي قرار من مجلس الشيوخ فيما يخص عدم تجريم استخدام الماريجوانا، وهو القرار الذي أيده الرئيس بايدن وصدر كمشروع قرار من الكونجرس.
أكثر الولايات تتيح فقط استخدام كمية معينة من الماريجوانا وتكون للاستخدام الشخصي، وتمنع إعادة بيعها أو المتاجرة بها حتى إن كانت الولاية من ضمن تلك الولايات التي نزعت التجريم عن المتاجرة بها، كون التشريع الخاص بعدم التجريم يطبق فقط على الحالات البسيطة، لا تلك التي تعد متاجرة كبيرة، علما أن أول من طالب بعدم التجريم كان الرئيس السابق أوباما، انطلاقا من حقيقة أن معظم الذين تم تجريمهم كانوا من الأقليات السود أو اللاتينيين، ما يثير بعض الشكوك حول دوافعها العنصرية والعرقية.
لإدراك حجم الفقاعة وتدهور أسعار أسهم شركات الماريجوانا، وربما مستقبل هذه الصناعة عموما، هناك صندوق "كانابس" المتداول الذي انخفض من 31 دولارا إلى أقل من دولارين الآن، وسهم "كانوبي جروث" من 45 دولارا إلى 80 سنتا، وسهم "ترو ليف" من 54 دولارا إلى أربعة دولارات فقط، ومثله السهم المشهور "تيلراي" من 46 دولارا إلى 1.60 دولار.
التحدي الكبير أمام هذه الشركات ليس في الحقيقة نتيجة ولادة أي وعي جديد بمخاطر تعاطي الماريجوانا، بل مع الأسف لا يزال هناك إقبال على منتجات الماريجوانا بشكل أو آخر، لكن السبب الرئيس اقتصادي وقانوني في الوقت ذاته. فرغم الفوائد الضريبية التي تجنيها الولايات التي أجازت الماريجوانا، وهو أحد أبرز أسباب السماح بها، إلا أن ارتفاع الضرائب على منتجات الماريجوانا أدى إلى انتعاش السوق السوداء للتعامل بها. وبالتالي أصبح هناك ابتعاد عن الشركات النظامية المصرح لها بالبيع، وبدلا عنها الحصول على المادة ومشتقاتها من مصادر عشوائية لكن بتكلفة أقل.
خسائر الشركات وتدهور أسعار أسهمها ليست نتيجة بيع منتجات الماريجوانا الطبية التي بطبيعة الحال لا تباع في السوق السوداء، لكن الخسائر وتراجع الإيرادات مصدره الرئيس مبيعات الماريجوانا للاستخدام العام، التي يتم الحصول عليها من السوق السوداء بسبب تدني تكلفتها. لذا فالمراهنات على ازدهار شركات الماريجوانا تمت على أساس انتعاش بيع الاستخدام العام، الذي يسمى مع الأسف الاستخدام الترفيهي، حيث كانت التوقعات، وما زالت لدى البعض، أن يصبح تعاطي الماريجوانا أمرا عاديا وتحقق شركاته الأرباح ذاتها التي تحققها شركات المشروبات الروحية.

إنشرها