default Author

لماذا تحتاج شركات التقنية العملاقة الأمريكية إلى إفريقيا؟ «2 من 2»

|

من المؤكد أن عملية توطين البيانات ليست دائما فاعلة من حيث التكلفة، ويمكن أن تستخدمها الحكومات لتقويض الحقوق المدنية. لكن الدراسات التي أجرتها جمعية الإنترنت تظهر أن الجهود المبذولة لتوطين حركة الإنترنت في نيجيريا وكينيا قد خفضت الأسعار، وقللت من الزمن الذي تستغرقه الاتصالات، وعززت نمو النظام البيئي التكنولوجي المحلي. في المقابل، كما لاحظت نيما إلمي، فإن نهج شركات التكنولوجيا الكبرى يديم بصورة فاعلة مكانة الدول الإفريقية كدول مستهلكة "للابتكارات التكنولوجية الأجنبية التي طورت باستخدام بياناتها الخاصة ثم بيعت لها مرة أخرى".
وتعد ممارسات العمل والتوظيف في شركات التكنولوجيا الكبرى مثالا آخر على تجاهلها احتياجات إفريقيا ومصالحها. ونظرا إلى كون الشركات الكبرى الأفضل من حيث الأجور، يشعر صانعو السياسة الأفارقة بالقلق من أن ميل عمالقة التكنولوجيا، إلى استقطاب أفضل المواهب سيقوض نمو صناعاتهم المحلية. وفي الوقت نفسه، تواجه هذه الشركات إجراءات قانونية لإخضاع مشرفي المحتوى، ومقر كثير منهم في نيروبي، لتجارب مروعة ومنحهم أجورا غير مناسبة.
وعلاوة على ذلك، أدى انتشار المعلومات المضللة والتحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تراجع سمعة المنصات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، مثل "فيسبوك"، الأمر الذي أدى إلى تأجيج الصراع العنيف في إثيوبيا، وتوفير أرض خصبة للجماعات المتطرفة، مثل حركة الشباب المدعومة من "القاعدة". وعلى مدى أعوام، تجاهلت شركة فيسبوك استخدام الجماعات الإجرامية المنظمة منصتها لاستدراج الأفارقة إلى العبودية المنزلية. ولم تتصرف الشركة أخيرا إلا بعد أن هددت "أبل" Apple بإزالة "فيسبوك" Facebook و"إنستجرام" Instagram من متجر التطبيقات الخاص بها.
ونظرا إلى سجل شركات التكنولوجيا الكبرى في تجاهل وإهمال احتياجات الأفارقة ومخاوفهم، فليس من المستغرب أن الحكومات الإفريقية بدأت تبحث عن البدائل. فنيجيريا، على سبيل المثال، فرضت حظرا لمدة سبعة أشهر على "تويتر" Twitter في 2021، ولم ترفعه إلا بعد موافقة الشركة على فتح مكتب محلي، ودفع الضرائب، والتعاون مع وكالات الأمن القومي. وهددت دول أخرى، مثل كينيا، بفرض حظر مماثل.
وبفضل خبرة الشركات الأمريكية التي لا مثيل لها وأدواتها التكنولوجية ذات المستوى العالمي، فهي مهيأة جيدا للاستفادة من نمو سوق التكنولوجيا في إفريقيا. ولكن لتعظيم هذه الفرصة، يجب أن تلبي احتياجات المستخدمين الأفارقة. وعلاوة على ذلك، فإن إقامة شراكات أقوى مع شركات التكنولوجيا الإفريقية المزدهرة عامل يمكن أن يفيد هذه الشركات إلى حد كبير، ما سيمكنها من تكييف تقنياتها لتناسب تفضيلات المستخدمين المحرومين من الخدمات، والتخفيف من تأثير المعلومات المضللة. وبتعزيز العلاقات مع الباحثين في إفريقيا ومجموعات المجتمع المدني، يمكن لشركات التكنولوجيا الأمريكية دعم إنشاء نظام إيكولوجي رقمي سليم يعزز الرخاء، والأمن، والمساءلة لجميع المستخدمين.
وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، أدى فشل شركات التكنولوجيا الكبرى في معالجة المخاوف المتعلقة بالخصوصية ومكافحة المعلومات المضللة، إلى إثارة نقاش متزايد بشأن التضارب الواضح بين قيمها المعلنة وعوائدها. لكن لتحقيق النجاح في إفريقيا، يجب أن تدرك شركات التكنولوجيا التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها زيف هذه الازدواجية. إذ في حين أن الاستثمار في الشركات الإفريقية قد يؤدي إلى عوائد مالية، فإن الاستثمار في المواطنين الأفارقة هو المفتاح لإطلاق الإمكانات الاقتصادية الهائلة للقارة.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

إنشرها