Author

مؤشرات متوقعة لأسواق النفط خلال 2023

|

تزايد الطلب العالمي على النفط وتخفيضات العرض يشيران إلى احتمال حدوث تشدد في أسواق النفط في وقت لاحق من هذا العام. وبالفعل، من المتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط، إلى نحو 102 مليون برميل يوميا في 2023، ما يشير إلى نمو كبير قدره 2.3 مليون برميل يوميا، وفق تقرير "أوبك" الأخير عن سوق النفط. لكن، هذه التوقعات تخضع لعديد من عدم اليقين، بما في ذلك التطورات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية المستمرة.
على صعيد العرض، أظهر تقرير المنظمة انخفاض إنتاج "أوبك" في نيسان (أبريل)، ما يعكس تأثير تخفيضات الإنتاج السابقة التي تعهدت بها "أوبك+" لدعم استقرار السوق، وكذلك بعض الانقطاعات غير المخطط لها. مع ضعف الأسعار في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، وافقت المجموعة على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، وهو الخفض الأكبر منذ الأيام الأولى لجائحة كورونا في 2020. وتضيف التخفيضات الطوعية للمجموعة في الثاني من أبريل نحو 1.6 مليون برميل في اليوم إلى هذا الإجمالي.
حسب التقرير، تراجع إنتاج المنظمة في أبريل بنحو 191 ألف برميل يوميا إلى 28.60 مليون برميل يوميا، مع توقف الصادرات من شمال العراق، وتعطل بعض صادرات نيجيريا، بسبب نزاع عمالي. في حين أن الإمدادات من خارج "أوبك" من المتوقع أن ترتفع بنحو 1.4 مليون برميل يوميا في 2023.
محركات نمو الإنتاج الرئيسة خارج "أوبك"، هي: الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج وكندا وكازاخستان وغويانا، بينما من المتوقع أن ينخفض إنتاج النفط بشكل أساسي في روسيا. وتتوقع "أوبك" الآن، أن ينمو إنتاج النفط الأمريكي هذا العام بنحو مليون برميل في اليوم. لكن، لا تزال هناك شكوك تتعلق بإمكانية نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة مع تراجع عدد منصات الحفر العاملة، والصيانة غير المخطط لها في 2023.
في العموم، لا تزال الشكوك حول توقعات المعروض خارج "أوبك" كبيرة، وأبرز العوامل التي يمكن أن تحد أو تقيد الإمدادات خارج "أوبك"، مستويات الاستثمار والأزمة الأوكرانية. علاوة على ذلك، قد تؤثر مستويات التضخم المرتفعة، مقترنة بقضايا سلسلة التوريد والتشديد النقدي من قبل البنوك المركزية الرئيسة، في تكلفة الإنتاج ومستويات الاستثمار في قطاع التنقيب والإنتاج.
في الوقت نفسه، مخزونات البنزين والديزل في الولايات المتحدة آخذة في التراجع، وهي حاليا أقل من متوسط الأعوام الخمسة لهذا الوقت من العام. يشير هذا إلى مرونة الطلب على الوقود، ما يوفر الدعم لكل من أسعار النفط الخام وهوامش التكرير. علاوة على ذلك، وزارة الطاقة الأمريكية على استعداد لشراء ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام لملء الاحتياطي الاستراتيجي، موعد التسليم المقرر آب (أغسطس)، أي في وقت أبكر مما كان متوقعا في السابق.
على الرغم من الاتجاه الهبوطي السائد في السوق حاليا، إلا أن خبراء الطاقة والبنوك الاستثمارية بدأوا تبني نظرة أكثر تفاؤلا. تشير التوقعات إلى أن أسعار النفط يمكن أن تتجاوز 90 دولارا للبرميل بحلول أواخر الصيف، ومن المحتمل أن ترتفع إلى أكثر من 100 دولار للبرميل في 2024. بالفعل، نقلت "أوبك" ومراكز بحوث أخرى وجهة نظر متفائلة لسوق النفط، مؤكدة أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بنحو 2.3 مليون برميل يوميا هذا العام، مدفوعا بانتعاش الاقتصاد الصيني. وتتوقع "أوبك" أن يسهم الانتعاش الاقتصادي في الصين في زيادة الطلب العالمي بمقدار 800 ألف برميل يوميا هذا العام.
حاليا، لا تزال معدلات السفر الدولي من الصين أقل بنحو 40 في المائة من مستويات ما قبل الجائحة، كما أن نقاط الضعف في سوق العقارات تحد من الطلب على الوقود من أنشطة البناء. ومع ذلك، إذا عادت هذه العوامل إلى مستويات ما قبل الجائحة، فقد يرتفع استهلاك النفط الصيني بشكل كبير. يمكن أن يؤدي ارتفاع الطلب وواردات النفط الخام الصينية إلى تشدد سوق النفط في وقت لاحق من هذا العام، إذا تمكنت الولايات المتحدة من تجنب ركود حاد.
وفقا لمحللي السلع في "ستاندرد تشارترد"، من المتوقع أن تؤدي تخفيضات الإنتاج الجارية من قبل "أوبك+"، إلى القضاء تدريجيا على الفائض الذي تراكم في أسواق النفط العالمية خلال الأشهر القليلة الماضية. أدى هذا الفائض، الذي بدأ بالنمو في أواخر 2022 واستمر حتى الربع الأول من هذا العام، إلى ارتفاع مخزونات النفط بمقدار 200 مليون برميل عما كانت عليه في بداية 2022، و268 مليون برميل أعلى من الحد الأدنى في حزيران (يونيو) 2022. ومع ذلك، المحللون متفائلون بأن الفائض قد يتلاشى بحلول نوفمبر إذا استمرت التخفيضات على مدار العام. في سيناريو صعودي أقل تفاؤلا، يمكن تحقيق النتيجة نفسها بنهاية العام إذا انعكست التخفيضات في تشرين الأول (أكتوبر). يجب أن تساعد هذه التطورات على استقرار الأسعار.
كما توقع بنك جولدمان ساكس حدوث أزمة وشيكة في المعروض، ما قد يسهم في حدوث تحول في السوق. يشير رئيس أبحاث السلع في البنك، إلى أن أسعار النفط قد تتجاوز 100 دولار للبرميل هذا العام، ما يثير مخاوف بشأن نفاد الطاقة الإنتاجية الاحتياطية بحلول 2024. ودعما لهذا الرأي، نصح البنك المستثمرين أخيرا بالنظر في أسهم شركات الطاقة والتعدين مستشهدين بإمكانية الاستفادة من النمو الاقتصادي الصيني. يتوقع البنك ارتفاع أسعار خام برنت وغرب تكساس الوسيط 23 في المائة، إلى 100 و95 دولارا للبرميل على التوالي، وهي توقعات تدعم وجهة نظرهم الصعودية للأرباح في قطاع الطاقة.
بعض التخفيضات في الإنتاج، على ما يبدو، في طور الإعداد، يسهم هذا أيضا في التشدد المتوقع في أسواق النفط. من المقرر تراجع إنتاج روسيا من النفط الخام بمقدار 350 ألف برميل يوميا في أيار (مايو) من مستويات شباط (فبراير) 2023، ليصل إلى 10.7 مليون برميل يوميا، ما يشير إلى أن روسيا قد تفي بوعدها بخفض إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميا. لذلك، تراجع الأسعار الحالي يمكن أن يكون مجرد مرحلة مؤقتة.

إنشرها