دور الحكومة في قيادة عملية الابتكار «1من 4»

ماريانا مازوكاتو الأستاذة في كلية لندن الجامعية والمناصرة الدؤوبة للحوكمة والابتكار حتى وهي تجلس حول مائدة العشاء، تستغل مهاراتها الاستثنائية في التواصل لشغل فراغ أسرتها خلال فترة الإغلاق العام في لندن بسبب الجائحة.
فهي وزوجها، منتج الأفلام الإيطالي كارلو كريستو ـ دينا، يصران على اجتماع الأسرة كل مساء لتناول وجبة العشاء في منزلهما في لندن، ويتحدث الجميع بمزيج من اللغتين الإيطالية والإنجليزية ويتناقشون حول الدراسة والعمل والأفلام والاقتصاد.
يقول كريستو ـ دينا، "نتحدث عن موضوع ما، وننخرط في نقاش طويل كل مساء مع أبنائنا الذين لا يزالون في سن المراهقة". وتبلغ أعمار أبنائهما 20 عاما و17 عاما و14 عاما "توأمان". ويضيف قائلا، "كلفت ماريانا التوأمين بإعداد بحث عن الفجوة الرقمية، وكان هناك كثير من الصراخ والاعتراض".
وخارج المنزل، تنشط مازوكاتو في مجال الاقتصاد والسياسة العامة منذ ما يقرب من عشرة أعوام. وتتمثل رسالتها الأساسية في ضرورة استغلال الحكومات سلطاتها في قيادة عملية الابتكار من أجل النهوض بالبشرية. وتعكف في الوقت الحالي على تطبيق أفكارها على أزمة كوفيد - 19 من خلال عضويتها في عدد من فرق العمل ودورها المعتاد كناشطة اقتصادية. وتقول لن نستطيع الخروج من أزمة كوفيد - 19 ما لم تعد النظر في دور الدولة. وتحديدا ما دور الدولة؟
وتشير في إجابتها المثيرة للجدل إلى أن دور الحكومة يتمثل في وضع مجموعة من الأهداف الكبرى، وتحديد المهام اللازمة لتنفيذ تلك الأهداف، وتشجيع الابتكارات والاستثمار فيها وتنظيم هذه العملية لضمان المنفعة العامة. ويتعارض ذلك مع المفهوم التقليدي الحديث ومفاده أن دور الحكومة هو معالجة تداعيات الكوارث وتصحيح الاختلالات السوقية الجسيمة، وبخلاف ذلك فإن عليها إفساح المجال للشركات الخاصة لقيادة عملية الابتكار.
ووفقا لمازوكاتو، أدى هذا النسق الفكري إلى الأزمة المالية في 2007ـ 2008 وما لحقها من موجة تقشف حكومي مدمرة، ولا سيما في أوروبا. وحول "تفريغ" القدرات الحكومية تقول ماريانا، "لم أر سوى تقليص الخدمات الاجتماعية والاستثمارات العامة باسم الابتكار". وبوصفها خبيرة في مجال الابتكار، فقد هالها ما رأت. وفي كتابها الصادر في 2013 بعنوان The Entrepreneurial State Debune ing Public us. Private Sector Myths، دعت إلى إعادة النظر في دور الحكومة. وأشارت فيه إلى أن جزءا كبيرا من ابتكارات القطاع الخاص في مجالي الرعاية الصحية والتكنولوجيا وغيرهما يعتمد على أبحاث ممولة من الحكومة لا يمكن للمؤسسات الخاصة الاستثمار فيها، إما لعدم قدرتها وإما لدعم رغبتها. وتقول خلال مقابلة لها، "لست متأكدة أنني كنت سأمضي في هذا الاتجاه لو لم أر حجم المعاناة الحقيقية على أرض الواقع".
وتضيف قائلة، إن مختلف درجات المعاناة الناتجة عن الجائحة في مختلف أنحاء العالم تدعم حجتها. وتبلغ مازوكاتو من العمر 52 عاما، وهي أستاذة إيطالية ـ أمريكية في علم الاقتصاد في كلية لندن الجامعية، حيث تركز في عملها على الابتكار والقيمة العامة، وهي أيضا المدير المؤسس لمعهد الابتكار والمنفعة العامة التابع لكلية لندن الجامعية.
وتقول، "لقد تم تفريغ قدرات الدولة بالفعل بسبب نظرتنا الضيقة لدورها. فإذا كان دور الدولة يقتصر على معالجة الإخفاقات السوقية ويتم إقصاؤها فيما عدا ذلك، لن يكون هناك حافز كبير على الاستثمار في آليات إيجاد المعرفة من أجل المشاركة في تحقيق القيمة". ووفقا لماريانا، ينطبق ذلك خصوصا على المملكة المتحدة والولايات المتحدة، حيث منع القادة السياسيون التمويل عن الصحة العامة وانتقصوا من قيمة الحكومة نفسها، ما أدى إلى تراجع ثقة المواطنين وقدرة الحكومة على الاستجابة للأزمات.
وعلى العكس، أشارت مازوكاتو إلى حكومات عدد من الدول الأقل حجما وثراء التي استجابت بشكل أكثر فاعلية للجائحة مقارنة بأمريكا وبريطانيا، مثل فيتنام وولاية كيرلا في جنوب غرب الهند ونيوزيلندا والدنمارك، حيث نفذت جميعها استثمارات ضخمة في قدرات الدولة مع الوقت واستطاعت إدارة الأزمة بشكل أفضل من حيث تنفيذ إجراءات الإغلاق، ووفرت وسائل الحماية، وعززت ثقة المواطنين.. يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي